الدوحة ـ عبدالعزيز جاسم ـ فريد عبدالباقي
جسدت دولة قطر الكثير من المعاني والرسائل في رحلة استضافتها لبطولة كأس العالم قطر 2022، وذلك بعد وصولها إلى محطة مسك الختام أمس الأول في ستاد لوسيل الذي شهد تتويج أول بطل للعالم في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
ولعل كأس العالم في قطر تميزت في كل شيء سواء من خلال التنظيم العالمي غير المسبوق، أو من خلال الأجواء الجماهيرية التي خطفت عقول العالم على مدار 29 يوما من الاحتفالات والفرح والسعادة، حيث كان نجاح بطولة قطر على لسان كل الجماهير القادمة من كل أنحاء العالم، وأيضا باعتراف كل المنتخبات التي حضرت إلى قطر للمشاركة في البطولة، بالرغم من أن جميعها ودع البطولة باستثناء منتخبين فقط هما الفرنسي والأرجنتيني بعد تأهلهما إلى النهائي «الحلم» الذي أقيم أمس الأول في واحدة من القمم الكروية التي جذبت عشاق الساحرة المستديرة باختلاف انتمائهم.
لعل «الرحلة» إلى كأس العالم لم تكن سهلة بعد أن تحدت قطر الصعاب وصولا إلى «الحلم» حيث تمكنت قطر من إبهار العالم طوال البطولة في كل الأصعدة، من خلال توفير تجربة فريدة للجماهير والمنتخبات التي شاركت لتكون بطولة قطر 29 يوما من الأحلام المتواصلة التي لا يريد أحد انتهاءها.
وعلى مستوى الرسائل لم يكن اختيار اسم الكرة الرسمية الأولى للبطولة والتي حملت اسم «الرحلة» بالصدفة، بل جسدت التحديات الكبيرة التي واجهتها قطر على مدار 12 عاما متتالية، وبالتخطيط المميز تحولت المحن إلى منح، والأحلام إلى واقع، وجاء تسمية الكرة الرسمية الثانية لمباريات بطولة قطر 2022 باسم «الحلم» وهي التي استخدمت في البطولة من نصف النهائي إلى النهائي ليكون أمس الأول الختام بـ«الحلم»، وهي رسالة بأن قطر حققت حلمها وحلم العرب باستضافة واحدة من أفضل نسخ في كأس العالم، ونجحت نجاحا كبيرا باعتراف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأيضا كل الاتحادات الدولية والمسؤولين والمنتخبات التي شاركت في الحدث الأبرز. لم تنته رسائل قطر عند «الرحلة» أو «الحلم» خاصة أن قطر نظمت بطولة ملهمة للعالم، عكست من خلالها التقاليد والعادات العربية من خلال اختيارها لتصاميم ملاعب البطولة والشعارات والتعويذة، أو تجربة بطاقة «هيا» التي فتحت الحدود مع الدول المجاورة لتعيش جميعها أجواء البطولة، وتؤكد قطر أن بطولة قطر هي بطولة لكل العرب.
ملاعب المونديال
تميزت ملاعب البطولة (خليفة الدولي، الجنوب، وأحمد بن علي، و974، والثمامة، والمدينة التعليمية، والبيت، ولوسيل) بتصاميم عصرية ومبتكرة، وحرصت قطر على أن تتواجد اللمسة العربية في البطولة، على غرار ستاد البيت الذي استضاف حفل الافتتاح، حيث جاء تصميم الملعب على شكل «بيت الشعر» الذي سكنه أهل البادية، وهو ما يعكس اعتزاز قطر بالهوية العربية، لاسيما أنه وضع «شبة الضو» أمام الستاد التي تدل على كرم الضيافة العربية، وهي رسالة لكل العالم بكرم الضيافة القطري العربي، كما جاء تصميم ستاد الجنوب من أشرعة المراكب التقليدية القطرية احتفاء بتاريخ الوكرة العريق كمركز للصيد والبحث عن اللآلئ.. فطوال قرون، أبحرت هذه المراكب الجميلة عبر مياه الخليج وما وراءها، وعادت محملة بخيرات البحر، وأيضا ستاد الثمامة الذي صمم على شكل «القحفية»، وهو الاسم الذي تعرف به القبعة التقليدية التي يرتديها الرجال والأطفال في جميع أنحاء الوطن العربي، حيث تشكل «القحفية» جزءا أساسيا من ثقافتنا وتقاليدنا وترمز إلى انتقال الأولاد من مرحلة الطفولة إلى البلوغ.
وشهدت البطولة بناء ملاعب معاصرة على غرار ستاد لوسيل الذي يمثل مدينة المستقبل، وأيضا ستاد 974 الذي سيخلده التاريخ وهو المفتاح الدولي لدولة قطر، وأيضا يرمز الى عدد حاويات الشحن التي صمم منها الستاد، وهو أول ستاد يتم تفكيكه بالكامل كما كان بمنزلة رسالة على تخفيض الاستهلاك حيث جاءت تكلفة الاستاد بـ30% فقط من تكلفة أي ستاد آخر، كما راعت قطر مشاركة المجتمع المحلي في تصميم الملاعب من أجل أن تشكل الملاعب إرثا للمستقبل لخدمة المجتمع.
التعويذة «لعيب».. ورمزية اللانهاية
كما راعت قطر الثقافة العربية أيضا من خلال تصميم الشعارات، وتعويذة البطولة، حيث أطلق اسم «لعيب» على تعويذة البطولة، وهي شخصية مرحة قادمة من عالم افتراضي، أي هو كائن ينتمي لعالم مواز، كما تتحلى بروح المغامرة والاستكشاف وتقديم المساعدة، وهي على شكل «الغترة والعقال» التي تميز ثقافتنا العربية.
كما حمل تصميم الشعار الرسمي لكأس العالم قطر 2022 اللونين العنابي والأبيض اللذين يرمزان إلى العلم القطري، ويعكس تصميم الشعار البعد الجامع للبطولة بوصفها منصة لالتقاء الثقافات من مختلف أرجاء العالم، ويتضمن في الوقت ذاته عناصر مستوحاة من الثقافة القطرية والعربية التي تتناغم مع مكونات كرة القدم، وتحاكي التموجات في الشعار شكل الكثبان الرملية التي تتميز بها الصحراء، ويعكس الشعار الرقم 8 في إشارة إلى عدد الملاعب التي ستستضيف مباريات البطولة.. كما يشير إلى رمز اللانهاية الذي يحمل في طياته ترجمة للطبيعة المترابطة للبطولة والتداخل بين التقليد والحداثة.