على الرغم من التقلبات الاقتصادية العالمية، وتسارع ظهور المتغيرات يوما بعد الآخر، وانعكاساتها على اقتصادات كبرى وواعدة، إلا أن الاقتصاد الكويتي ظل محل ثقة محليا وعالميا، مرتكزا على مصداته المالية على مر السنين، ناهيك عن احتياطياته المؤكدة من النفط، وميزانياته العامة القوية، وصولا إلى مستويات الدين الحكومي المنخفضة عند 8.7% من الناتج المحلي.
يأتي ذلك وسط إجراءات حكومية متسارعة تسهل وتحسن من بيئة الأعمال في البلاد لتصبح أكثر تنافسية، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام المستثمرين الذين يرغبون في الاستفادة من القدرة الشرائية العالية لدى المواطنين والمقيمين في دفع مشاريعهم إلى الأمام، خصوصا أن الإنفاق الاستهلاكي في الكويت يشهد معدلات نمو ملحوظة على كل الأصعدة.
ووفقا لآخر تقرير لوكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني الذي صدر منتصف سبتمبر الماضي، أكدت الوكالة تصنيفها الائتماني السيادي للكويت عند -AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، مرتكزة في تصنيفها على نقاط القوة الرئيسية والتي تكمن في «الميزانية المالية والخارجية القوية بشكل استثنائي، إذ لاتزال بين أقوى الميزانيات السيادية التي تصنفها الوكالة.
وتتوقع «فيتش» أن يصل صافي الأصول السيادية الخارجية إلى 505% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2023/2024 ليظل واحدا من أعلى المعدلات بين جميع الدول السيادية المصنفة من قبل الوكالة، وأعلى 10 مرات من متوسط المرتبة AA.
ولم تقتصر الثقة في الاقتصاد الكويتي على وكالات التصنيف بل امتدت لمؤسسات دولية مشهود لها مثل صندوق النقد الدولي الذي أشار في ختام مشاوراته لعام 2023، إلى أن الانتعاش الاقتصادي بالكويت مستمر، ولايزال النمو غير النفطي أيضا قويا في 2023 مع انخفاض التضخم الرئيسي وفائض كبير في الحساب الجاري.
وقال صندوق النقد «بالنظر إلى الهوامش الوقائية المالية والخارجية الكبيرة التي تتمتع بها الكويت يمكنها إجراء الإصلاحات اللازمة من مركز قوة».
إلى ذلك، توقع البنك الدولي في أحدث تقاريره أن يشهد التضخم في الكويت تراجعا ملحوظا إلى 2.4% خلال 2024، وذلك انخفاضا من تقديراته البالغة 3.3% خلال العام الحالي 2023، وهو ما يشير إلى استمرار انخفاض التضخم في الكويت إذا تمت المقارنة مع 4.3% خلال 2022 و3.4% خلال 2021، ما يعطي مؤشرات إيجابية إلى نجاح السياسة النقدية في الكويت وفعاليتها في مواجهة التضخم على العكس من الاقتصادات الكبرى التي مازالت تكافح في مواجهته.
وتظهر مقارنات خليجية أن الكويت تشهد أقل معدل تضخم وسط دول مجلس التعاون الخليجي، إذ سجلت معدل يصل إلى 4.25% مقارنة مع 6.25% و6% و5.4% في دول الخليج الأخرى. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الكويت ستسجل أعلى معدل نمو في رصيد حساب المعاملات الجارية خليجيا بـ 23.1% خلال 2023 قياسا إلى 16.1% بقطر، و12.4% بالإمارات، و7.85 بالبحرين، و5.6% بالسعودية، و5% بسلطنة عمان، وأن الكويت ستظل عند أعلى معدلات نمو رصيد حساب المعاملات الجارية خليجيا في 2024 بـ 19.1% بينما ستبلغ 13.3% لقطر، و11.8% للإمارات، و6.6% للبحرين، و5.75 للسعودية، و5.1% لسلطنة عمان. إلى ذلك، تعد الكويت سوقا واعدا لكافة الأنشطة التجارية مدفوعة بـ 3 عوامل رئيسية تحفز أي نشاط اقتصادي يبدأ في الكويت وهي:
01 الإجراءات الحكومية: إذ سهلت الحكومة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة على جميع المبادرين الكثير من الإجراءات، وصولا إلى إصدار قرار الأنشطة ذات الطبيعة الخاصة والتي لا تحتاج إلى مقرات وتدشينها بالفعل.
02 بنية الاتصالات والمصارف: إذ تتمتع الكويت بوجود بنية اتصالات قوية وبسرعات عالية في الإنترنت تسهل على أي نشاط بدء عملياته، ناهيك عن توافر الخدمات المصرفية للجميع وسهولة الوصول إليها وفق شرائح متنوعة من الخدمات التي تتسارع البنوك على تطويرها يوما بعد الآخر بما يحقق أعلى معدلات الشمول المالي.
03 الإنفاق الاستهلاكي: إذ يتمتع المواطنون والمقيمون بمعدل إنفاق استهلاكي عالٍ ويشهد نموا متزايدا عاما بعد الآخر، إذ ارتفع إنفاق المواطنين والمقيمين خلال الـ ٩ أشهر الأولى من ٢٠٢٣ بنحو ١٠% بيما قيمته ٣ مليارات دينار ليبلغ ٣٤.٢ مليار دينار بنهاية سبتمبر ٢٠٢٣.