عائلة بومبارك عائلة كويتية من الطبقة المتوسطة وتتكون من رب الأسرة، بومبارك وهو في الرابعة والستين من العمر، متقاعد ولديه زوجة تصغره بسبعة عشر عاما، وابنان وثلاث بنات جميعهم متزوجون ولديهم أبناء. يسكن بومبارك وزوجته وابناه وعائلاتهم في منزل واحد حيث تدور حكاياتهم التي لا تنتهي.
بقلم: حنان بدر الرومي
تطوي ام مبارك سجادة الصلاة.. تنظر للساعة المعلقة بالحائط تجدها تقترب من الثالثة والربع.. تتجه نحو المقعد وقد أمسكت بيديها المصحف والنظارة.
يدخل بومبارك للغرفة يقول بصوت عالٍ: ما تدرين عن بيتچ.. اشها الخمال.
يرتفع حاجبي ام مبارك وهي تنظر باستغراب لزوجها: وي.. أي خمال بسم الله على.
بومبارك: توني محدر من فوق لقيت غسالتين يفترون بالهدوم ومحد حولهم.. اشدعوه غسالتين من كثرنا.. وإلا صرف كهربا وماي وصابون على غير سنع.
تضع أم مبارك كفها الأيمن على خدها: شموديك فوق.. إنت تدري إن فوق شقق العيال وهذولي غسالاتهم.. إحنا غسالتنا تحت.
يضع بومبارك يده على رأسه: نسيت.. المهم إني بندتهم.
أم مبارك: وليه.. يا معود توهم يايين من دواماتهم وبيغسلون هديماتهم.. إشلك فيهم.
بومبارك: كيفهم.. المهم أنا بريح لي شوي وقوميني قبل الخمس.
تنظر أم مبارك لزوجها بضيق.. تصر شفتيها بغضب خفي وتتجه نحو باب الغرفة.
٭ ٭ ٭
تدخل أم مبارك للصالة وبيدها المصحف والنظارة وهي تقول لنفسها: بو متيح مدور الطلايب.. وإلا أنت شعليك من غسالاتهم.. أعوذ بالله من عقب هالانتخابات چنه أحد قط عزيزو في بيتنا.. هالجناين يا مال الكافي ما وقفوا هواش ونجره.
تسمع أصوات صادرة من الدور الثاني لأقدام تركض وصفع لأبواب ثم أصوات متداخلة.. تقترب أم مبارك من الدرج وتحاول أن تركز بلا جدوى.. ترجع لداخل الصالة وتجلس على الكنبة وقد قطبت جبينها.. خامرها شعور قوي بالذعر.. تشاهد زوجة مبارك تنزل مسرعة وتتجه للباب الخارجي ثم تتبعها زوجة محمد.. بعد لحظات تدخلان وقد أمسكت كل واحده منهما بأبناءها بقوة.
٭ ٭ ٭
أم مبارك: عسى ما شر يا بنات.. اشفيهم العيال.
زوجة مبارك بحدة: خالتي واللي يعافيچ لا تتدخلين.. ما أبي عيالي يلعبون مع عيالها.
تتمسك زوجة محمد بأيدي ابنيها بقوة: عيالي أصلا ما يبونكم ولا يتشرفون فيكم.
أم مبارك بذعر: يا حافظ.. عيال عم وما يتشرفون ابعض.. شياكم.
تحرك زوجة مبارك رأسها باستهزاء وهى تقول: ما أدري.. سأليها هالمايجه بنفسها هذا وريلها صار عضو جمعية بس وإحنا ابتلشنا معاهم، عيل لو يصير نائب بمجلس الامة أو وزير جان شتسوي فينا.
ترفع زوجة محمد يديها للسماء: آآآآمين.. الله يسمع منچ ويصير محمد وزير ونفرك چبود الأعادي.
تهز زوجة مبارك رأسها باستخفاف: عاد ذيچ الساع حطولكم بيت وخلونا نتوسع.. هذا البيت لمبارك مهو لكم.
تضع أم مبارك يديها على قمة رأسها وتصرخ غاضبة: الله وأكبر عليچ.. تبين تموتيني أنا وعمچ علشان تاخذين البيت..حسبي الله ونعم الوكيل.
تندفع زوجة مبارك بالرد: محشومة خالتي.. أنا موقصدي اللي فهمتيه.. بس الظاهر من كثر ما تحبين محمد ومرته تبين تحامين لهم وتفشليني.
زوجة محمد بنبرة استهزاء: إي تحبنا لأن السنع والعدال عندنا.
تتعالى الأصوات وتتزايد الاتهامات العابرة للقارات بين الاثنتين.. كان الهجوم عنيفا.. بدت أجواء الصالة متوترة للغاية.. تعابير الدهشة والذعر ارتسمت على وجوه الصبية..
أما أم مبارك فانسحبت بعد أن عجزت عن إسكات الاثنتين.. توجهت لأحد المقاعد بخطوات حزينة.. جلست وأخذت تتابع المشهد بأسى وغضب.
يرن صوت جهوري حاد في أرجاء الصالة: شصاير.. إشفيكم.
يلتفت الجميع نحو مصدر الصوت.. يشاهدون بومبارك وقد اتسعت حدقتا عينيه وبدت ملامح الصرامة على وجهه يتبادل الجميع النظرات بوجل.. يخيم الصمت على المكان.
بومبارك بنبرة شديدة: صراخكم قومني من غرقة نومي.. كان حسبالي اليران.. أثاري هالصيحة عندي.. في بيتي.
تتجه أم مبارك نحو زوجها: تعال شوف هالبلوى.. يقولون إنهم ما يتشرفون بلعب عيالهم مع بعض.
٭ ٭ ٭
باستغراب يرد بومبارك: إشهالخرابيط.
تزفر أم مبارك بحزن: وييه.. خرابيطهم أكثر من اللي وصلك.
لم تتمالك زوجة مبارك نفسها فردت بتوتر وهي تحرك يديها للأعلى: عمي شسوي.. مرت محمد مأذيتني كل يوم لها سالفة.
تقاطعها زوجة محمد وترد بعنف: يما منچ يا أم الدوابير.. تصدق عمي صكت الغسالة علشان تعطلنا.
زوجة مبارك: عمي لا تصدقها.. تسوي سواياها وتمثل علينا إنها بريئة.. إنت صكيتي غسالتي وغسالتچ.
تصرخ زوجة محمد: أي سوايا يا أم الدوابير.
زوجة محمد بنبرة تحدٍ: قولي منو صك الغسالة؟
يرتفع صراخ الاثنتين..تهز أم مبارك رأسها بحزن وهي تنظر لزوجها.
بصوت مزلزل يصرخ بومبارك: سكتوا.
يصمت الجميع.. يهرب الصبية مذعورين ليختفوا وراء قطع الأثاث.
يرمق بومبارك الجميع بنظرة حادة تفيض بالغضب: لا حيا ولا حشيمة للريال العود اللى واقف.. يبا أنا اللى صاك الغسالات ما شفت أحد صوبهم جان أصكهم.. وهذا العلم ووصلكم.. والبيت بيتي وأنا حر فيه.
نزل كلام العم كالصاعقة على الزوجتين.. أخذتا تتبادلان النظرات بذهول.
بومبارك: سمعوا الحين الحچى اللى يمشي على الشارب.. العيال لحد يمنعهم يلعبون مع بعض.. والظاهر أن رياييلكم ما عرفوا يعلمونكم سلكنا وانا الحين بعلمكم.
يتقدم بومبارك خطوة للأمام تركض الزوجتان بسرعة خاطفة نحو الدرج.. تتسابقان للصعود للأعلى. تنظر لهما أم مبارك باستخفاف.. يخالجها شعور بالراحة الحقيقية.. استدارت ونظرت لزوجها باعتزاز: الله يحفظك لي يا سبع البيت.. زين سويت فيهم.
يرفع بومبارك رأسه للأعلى بزهو.. يوجه نظره للصبية المختبئين خلف المقاعد: يا بوكم طلعوا لعبوا بالحوش.. ترى عيال العم ذخر لبعض.
يركض الصبية فرحين للخارج.. تشرق الابتسامة وجه أم مبارك.