منذ ان تشكلت الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية تم تحديد ملامح الدولة التي يعتد بها في النظام الدولي ويعترف بكيانها ووجودها على خارطة الطريق العالمية ألا وهي توافر اقليم وشعب دائم وسلطة تحكم هذا الشعب والقابلية للقيام بعلاقات ديبلوماسية والانضمام الى المنظمات الدولية.
وقد كفلت تلك المنظمات لدول العالم كافة حقوقا، هذا فضلا عن تساوي جميع الدول في السيادة، فكل دول العالم متساوية في السيادة، فلا توجد دولة أعلى من الأخرى، وإنما اليوم بات الالتزام بالمعاهدات والمواثيق والأعراف بين الدول هو الذي يحدد مدى قوة الدول واستقلاليتها.
وعليه فإن سيادة الدول على إقليمها امر راسخ وثابت ولا يقل مع مضي الزمن، فكل أحداث السياسة الداخلية في خضم إقليم الدول يدخل من ضمن سيادتها، إلا اننا نجد في كثير من الأحيان مطالبة بعض المنظمات لكثير من الدول التي لها دساتير مكتوبة باحترام حقوق الإنسان وعلى الرغم من أن جميع الدساتير منذ ان وضعت وحتى يومنا هذا تحرص على ان تشتمل في موادها مبادئ الحقوق والحريات العامة.
وعليه فإن الدول كافة متى ما التزمت بمواثيق حقوق الإنسان الآتية فهي بالتالي ضمنت حقوق الشعب لديها الذين غالبا ما تتشكل هذه الشعوب من مواطني تلك الدول ومقيميها دون تمييز عرقي أو طائفي وهذه ميزة الدساتير ومن اهم هذه الحقوق التالي:
أولا: المحاكمة العادلة وهي تعني وجود قانون لهذه الدولة يلتزم جميع الشعب به ومتى ما اقترف أحدهم وانتهك هذا القانون بصورة واضحة يحال للمحاكمة العادلة وتطبق عليه العقوبات المنصوص عليها سلفا وكما حددتها قوانين الدولة المعتمدة من المشرع البرلماني وعليه فإن ما يطبق على المخالف بما أن الإجراءات المتبعة في التقاضي قائمة على أسس سليمة إذن تحققت المحاكمة العادلة وبذلك فإن أي مطالبات للإفراج عن مساجين بالتعذر بحقوق الإنسان تكون هذه المطالبات غير عادلة وتنتقص من سيادة الدولة في حال تدخل المنظمات العالمية بها وذلك متى ما كانت جميع الإجراءات المتبعة سليمة وضمن القوانين فيصبح بالتالي المطالبة بالإفراج عن المحكومين بأحكام قضائية بذريعة حقوق الإنسان تكون في غير محلها نظرا لأن الأعراف الدولية مجتمعه تقر بأن متى ما ارتكب جرم في إقليم أي دولة فتطبق على المخالفين القانون المعمول به في الدولة ضمن الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم المختصة.
وعليه فتصبح الشكوى التي تقدم بها احد الأعضاء لدينا ضد رئيس مجلس الأمة بشأن أحكام السجن الصادرة ضد المدانين في قضية اقتحام المجلس غير قانونية وتخالف الأعراف الدولية وذلك لأن رئيس مجلس الأمة يمثل السلطة التشريعية في الدولة وليس له سيادة على الأحكام القضائية، فمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث بالدولة ركيزة دستورية، فقضائنا مستقل وأي مرتكب لأي جرم يخالف قوانين الدولة تطبق عليه العقوبات التي حددها القانون دون أي تمييز بين المواطنين وهذا يشمل أيضا أبناء الأسرة الحاكمة فيتم إيقاع العقوبات ذاتها التي تقع على المواطنين فنجد أن منهم من أعدم ومنهم من سجن وهذا دليل على نزاهة القضاء لدينا واستقلاليته عن اي تأثيرات او ضغوطات خارجية.
من جانب آخر، فإن احد أهم الجوانب التي باتت تكفلها الدول أيضا لمواطنيها وتعتبر من ضمن أهم حقوق الإنسان ألا وهي حرية العمل وحرية التنقل وحرية اختيار مكان الإقامة وحرمة الحياة الخاصة وحرية التعبير عن الرأي هذا بالإضافة إلى العديد من الأمور التي تكفلها الدساتير المكتوبة في كل دولة وهي في الغالب مشتركة بين جميع الدول.
بيد أن البعض غالبا ما يلجأ لمنظمات حقوق الإنسان للمطالبة بحريات لم تكفلها دساتير الدول سلفا وبذلك فإن التدخل في مثل هذه المحاكمات والمناداة بتطبيق حقوق الإنسان فيها مخالفة للأعراف الدولية.