ماذا تركنا لأجيالنا القادمة؟ كثيرا ما يتبادر مثل هذا السؤال لكل فرد لديه ابناء، وكل دولة أيضا تضع خطط ،للأجيال القادمة، فمن الواجب علينا ان نترك ميراثا لأبنائنا ليس فقط لتحقيق الاكتفاء لهذه الأجيال ولكن أيضا لتحقيق أهداف وغايات قد لا يتمكن الفرد من تحقيقها في حياته فيتركها كميراث للأجيال القادمة ليكملوا مسيرته وهي بالتالي غالبا ما تحقق أهدافا نبيلة متى ما كانت هذه المخططات وهذه الوعود تصب في المصلحة العامة.
فعلى سبيل المثال قد يضع باحث بحثا علميا ويترك الاستمرارية في البحث والتوصل لنتيجة للباحثين من بعده ومتى ما تمكن أحد الباحثين على مدى الأجيال من الوصول للهدف الذي كان يريده صاحب الفكرة الأم يكون بذلك الباحث قد اوفى بوعده وحقق هدفه الذي كان يتمنى تحقيقه، فالبحث في هذه الحالة هو الميراث الذي تركه الباحث للأجيال من بعده إرثا تم استغلاله جيدا، وتمكن بالتالي من تحقيق النتيجة التي تفيد البشرية مجتمعة وغالبا ما يكون مثل تلك الأبحاث في الجوانب الطبية والهندسية أو سياسية، المهم أن تستمر سلسلة البحث للحفاظ على ارث الباحث الاول.
إن الثبات على المنهج والمبدأ من الامور التي تعتبر في غاية الصعوبة وبالأخص مع تقلب الزمن وتقلب الأحداث وما يطرأ من مستجدات، فالحياة مليئة بالمفاجآت ومن الضروري أن يكون أصحاب المبادئ الذين يرمون لتحقيق غايات وأهداف من سبقوهم على يقين تام بأن الطريق شاق وليس سهلا وأن العمل الدؤوب والاستمرارية في العمل هي التي ستحقق نتيجة دون الاكتراث إلى أي معوقات أو عقبات، فالمستحيل لا يؤمن به إلا قليل الإيمان وقليل التعلق بالله، فهذه الحياة حقيقة لا يوجد بها مستحيل على مستوى تحقيق الأهداف سوى في بعض الحقائق الدامغة ألا وهي الموت، فأبدا من يموت لن تتمكن من إعادة الحياة له، والمستحيل الآخر هو ان ترى الله سوى في اليوم الآخر لمن يصل الجنة، والمستحيل الآخر هو أن تفجر في الكون، فبعض مطلقي الشائعات والخزعبلات السياسية يوهمون البسطاء بأن هناك أسلحة قادرة ان تفجر في الكون وهذه الخزعبلات من الضروري ان يتصدى الإعلام لها لأن الإنسان بالنسبة للكون مثل القشة التي تطفو في اعماق البحار فهل ستتمكن هذه القشة من ان تمتص مياه البحر كلها بالتأكيد لا، إلا أن مثل هذه الخزعبلات غالبا ما تستخدم في السياسة لفرض الهيمنة والسيطرة ليس إلا ويصدقها الأشخاص غير المتعلمين غالبا.
وعليه فتصبح توريث الخطط التي تسعى إلى تصحيح المفاهيم والوصول لنتائج مجدية من الضروري ان تدرس وان تؤخذ بعين الاعتبار وهذا بالتأكيد كله للأجيال القادمة، فهذا هو إرثهم الحقيقي، فبالنسبة للمسلمين الذين ولدوا لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، هؤلاء ورثوا الإسلام وهم بالتالي يدينون لأجدادهم بإسلامهم لذلك فهناك من ورث الإسلام وعليه بالتالي أن يكون أهلا لتحمل مسؤولية هذا الإرث بالحفاظ على الوصايا التي جاء بها الإسلام تكريما لروح اجداده الذين ضحوا بدمائهم في سبيل رفع راية الإسلام وبالتالي فإن هذا الإرث يعتبر من اهم أنواع الميراث الحقيقي الذي من الضروري الحفاظ عليه باتباع الوسطية فنحن ورثنا خلق الرسول صلى الله عليه وسلم وعلينا ان نترجم هذا الميراث لأفعال.
اما الميراث الآخر الذي لابد ان نورثه للأجيال القادمة ألا وهو تحقيق الأهداف والوعود العلمية والسياسية، ولنا في الغرب أسوة، فأنا حقيقة معجبة كثيرا بإصرارهم على تحقيق أهدافهم على الرغم بالتأكيد من مخالفتي لبعض ما يرمون ويهدفون إليه إلا ان ثباتهم وتوريثهم أهدافهم لأجيالهم القادمة وسير أبنائهم على مخططات آبائهم هذه حقيقه لابد أن تدرس استراتيجيتهم في المدارس لتتعلم أجيالنا من اجيالهم كيف اخلصوا لوعودهم وهنا يكمن التحدي.