1- ورد في كتب الحديث الشريف والتراث الإسلامي: «عمرت البلدان بحب الأوطان»، «حب الوطن من الإيمان» و«من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه، وحنينه إلى أوطانه...».
2- ويفهم من الآيات القرآنية الكريمة: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم..)، و(الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق..)
إن للوطن قيمة عظمى، والحرمان من الوطن وتهجير مواطنيه غاية في الظلم!
3- لكن حب الوطن وعشقه تواجهه آفات تهدد سلامته ومن فيه، ولو على المدى البعيد، ولعل أهمها اثنان:
أ- التعصب الأعمى: الشعور بالفخر بالوطن، والاعتزاز بالانتماء إليه، حالة فطرية تنمي الحماس بالحفاظ عليه والدفاع عنه.
لكن أن تتنامى إلى التعصب المفرط، الذي تعميه عن معايير الحق والباطل لتتحول إلى الحالة الصنمية المحرمة، وهذا مصداق لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما سئل عن العصبية: «أن تعين قومك على الظلم».
وعن الإمام زين العابدين عليه السلام، لما سئل عن العصبية: «العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه...».
ب - التعدي على القيم: السنة الإلهية وقراءة تاريخ المجتمعات تؤكدان أن نشر الفتن والظلم والتعدي على القيم الأخلاقية في المجتمع، لها نتائجها السلبية الوخيمة على الوطن عامة ولو على المدى البعيد، فيعم الجميع الأخيار منهم والأشرار!
(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب).
على نقيض المجتمعات النظيفة، فكلما كان الوطن طاهرا، كانت النتائج إيجابية، فيعم الأمن الاجتماعي، ويزدهر الرخاء، أو كما يعبر عنه الشهيد المفكر آية الله السيد محمد باقر الصدر، رحمه الله، بربط العدالة بزيادة الإنتاج.
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).
4 - الخلاصة: إن ممارسة النقد الوطني والمعارضة الراشدة، ينبغي أن ينظر إليها على أنها من الرأي الآخر الجدير بحسن الظن، ما لم يثبت العكس، ومن الخطأ الجسيم تصنيفه بالضرورة على أنه تمرد ضد المجتمع أو خيانة للوطن أو نعته بالعمالة للأجنبي!
[email protected]