ناعمة كنسمة ربيعها الثاني عشر، نقية في تدينها كنقاء الماء الطهور، متفوقة كشقيقاتها وبامتياز مع مرتبة الشرف. ذهبت الى مدرستها لتحتضن مدرساتها وزميلاتها مع بداية السنة الدراسية الجديدة، بدفء محبتهن لها ومحبتها لهن، ولم يكن في حقيقته الغيبية الا وداعا! هكذا رسم لها القدر!
استأذنت والدتها ادارة مدرستها لمراجعة عيادة الجلدية الحكومية لعارض جلدي (قريب إذنها) على ان تعود سريعا لاستكمال حصصها الدراسية في نفس اليوم (الأحد الماضي).
نظرت الطبيبة فقررت فورا غرس ابرتها الصغيرة، فلم يتمالك جسدها الخفيف الا ان ينتفض بتسارع مفاجئ وتتهاوى الى الأرض، امام ناظري والدتها التي هالها الموقف المروع، تصرخ وتستنجد وتنادي بقلب مكلوم!
لكن الأكثر ايلاما الا تجد الا جوابا قاتلا! إذ لا توجد ادوات الإنعاش او الصدمات الكهربائية، فالجلدية لا تحتاجها! ولم يكن الأمل الأخير الا عبر سيارة الإسعاف، تشق زحام المرور، ولم تكاد تصل الى طوارئ المستشفى الأميري حتى يعلنها بصوت موجع متهدج مرتعش (انا لله وانا اليه راجعون).. راحت درة فورا من قبل ان تصل!
وما زالت والدتها في انهيار ما بين المستشفى والبيت!
اهلها يؤمنون بالقضاء والقدر، ولا راد لأمر الله جلت قدرته، والأخطاء البشرية متوقعة، لكن امام أجواء الشهادات الأكاديمية المزيفة، وواسطات التعيين والفساد الإداري، وامام الأخطاء الفنية والاختصاصية الفاحشة المتكررة، لا يمكن الاستسلام والتسليم بمقدرات الإهمال والتفريط بالأرواح البشرية البريئة.
ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد فكأنما قتل الناس جميعا، فلا بد من الإجراءات الحصيفة لوقف الهدر في الأرواح، فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
عظم الله لكم الأجر آل الحرز الكرام. ولقد بشركم الله: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
[email protected]