أنشئـت منظمـة الشفافية العالمية Transparency International (TI) في العام 1993، في برلين حيث مقرها الدائم، كمؤسسة غير ربحية معنية برصد الفساد في دول العالم وإصدار تقارير سنوية بهCorruption Perception Index CPI، تعتمد المنظمة على مجموعة من المقاييس والمعايير في تقدير مراكز الدول على مؤشر الفساد تمنح بموجبها الدولة نقاطا يتحدد بمجموعها مركزها على المؤشر وكلما زاد عدد النقاط حظيت هذه الدولة بمركز أعلى عليه أي بدرجة فساد أقل.
جاءت الكويت في العام 2017 في المركز الأخير خليجيا والـ 75 عالميا وقد تراجعت 20 مركزا عن آخر رصد لها في العام 2016، وكانت قد احتلت المركز 45 عالميا عام 2005 ثم استمرت في التراجع على خلاف دول الخليج التي حقق معظمها مراكز متقدمة دوليا كالإمارات 24 وقطر 31 والسعودية 62 بين 176 دولة.
أبدى مجلس الوزراء الكويتي امتعاضه! وأصدر بيانا عاجلا أعرب فيه عن استيائه! من تراجع مركز الكويت على مؤشر الفساد وشكل لجنة برئاسة هيئة مكافحة الفساد الكويتية وعضوية بعض اهل الاختصاص في محاولة لتهدئة الرأي العام المحلي وطمأنة جهات الرصد والقياس الدولية والمستثمرين والجهات المنفذة للمشاريع الكبرى في البلاد على قدرة الدولة على السيطرة على هذا التراجع.
يلح على الساحة الكويتية من ظاهر تعامل الدولة مع تفشي الفساد تساؤل هو الأكثر خطورة على مستقبل الكويت وهو: هل نحن سائرون على درب فنزويلا التي كانت في ستينيات القرن الماضي من اجمل وأغنى وأرقى دول أميركا الجنوبية ورابع مصدر للنفط في العالم وثالث اكبر منتج له واحتياطياتها منه هي الأكبر في العالم وتتاجر بالبن الفاخر والكاكاو اللذين لا نملك شيئا منهما واليوم بلغ التضخم بها 2600% وانحدرت قيمة عملتها (البوليفار الفنزويلي) إلى الحضيض، حتى أن الأربعة دولارات أميركية تعادل ملء كيسين كبيرين من أكياس القمامة من عملتها! وطوابير الاحتياجات اليومية ومنها رغيف الخبز تبدأ ولا تنتهي و66% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر، ومدانة للكثيرين وعاجزة عن السداد، أجيال من الفاسدين تعاقبت عليها فنخرها الفساد عندما ترددت في التصدي له.
أيا كانت الأسباب والعوامل التي أدت وتؤدي لهيمنة الفساد ونخره في مرافق الدولة فإن الحل واحد، هو تعرية المفسدين أمام الإعلام وإحالتهم للقضاء، مع إصدار تشريعات قاسية تتعامل مع مرتكبيه، باعتباره من جرائم أمن الدولة، وذلك في وجود حكومة تمتلك قدرا من الشجاعة والإيمان بواجبها بأنه تكليف بحماية الوطن ونمائه.