إن لوسائل الإعلام بشتى أنواعها دورا كبيرا في تشكيل الوعي المجتمعي لدى قطاع كبير من الأفراد من جهة، والمجتمعات من جهة ثانية، سواء أكانت الرسالة سلبية أم إيجابية، فالإعلام سلاح ذو حدين، إما أن يسهم في تعزيز وترسيخ القيم والعادات السليمة، وإما أن يكون معول هدم لها.
وأصبحت بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي خلال الفترة الراهنة تفرض سيطرتها على عقول الجماهير خاصة قطاع الشباب، حيث تظهر كل يوم بوجه جديد وفي كل فترة ببرنامج وتطبيق مبتكر، متجاوزة في ذلك حدود الزمان والمكان، وعلى ذلك لا شك أن تكون على وسائل الإعلام المسؤولية الأكبر في نشر ثقافة التربية الإعلامية والرقمية وتعزيز مفهومها من أجل بناء الوعي الجماهيري والارتقاء بالذوق العام وتعديل منظومة القيم والأخلاق التي شهدت في الآونة الأخيرة تراجعا ملحوظا نوعا ما وتفشي ظواهر مجتمعية، أخلاقية، وسلوكية غريبة لم تكن مألوفة في مجتمعاتنا.
كما أن للإعلام دورا فعالا في تحقيق تمكين الشعب، وتعزيز ثقة المجتمع المدني، وتعزيز المساواة بين جميع الفئات في المجتمع، وهناك إجماع في العالم على أن هناك ترابطا بين الحق في الحصول على المعلومات وتداولها وبين الحقوق المدنية والسياسية، إذ يعتبر نقص المعلومات وغياب الشفافية ونقل الأخبار المبهمة وصعوبة المصطلحات فيها، من أهم أسباب الأزمات السياسية والاقتصادية في المجتمعات، فأدركوا مدى قوة تأثيرها على المجتمع واستخدموها بشكلها الإيجابي الفعال.
فللإعلام تأثير واضح على تشكيل الوعي كما ذكرنا، تأثير يؤدي إلى التماسك الاجتماعي حيث يعمل النظام الإعلامي للمجتمع خلال ما يتبناه من اتجاهات فكرية وأيديولوجية على صياغة وعي الأفراد وتماسكهم، ويعتمد ذلك على وسائل الإعلام نفسها.
والعلاقة بين وسائل الإعلام والمجتمع علاقة فاعلة ومتداخلة على اعتبار أن وسائل الإعلام في أي مجتمع هي الوسائل الناقلة لأنماط التفكير والمعرفة والقيم والأفهام، وبالتالي فهي تسهم في خلق جانب كبير من الثقافة الاجتماعية.
ويشكل الإعلام وسيلة هائلة لتعزيز مفهوم التربية الإعلامية وتوسيع نطاقها بين الجماهير، حيث يقدم الإعلام إمكانية التفاعل والتواصل الفوري من خلال مساحات جديدة وتقنيات وأنماط مبتكرة من التفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى كونه أداة مهمة لإنتاج المحتوى الذي ينمي لدى المتلقين مهارات الانتقاء، الاستنتاج، التقييم والتفكير الناقد، الأمر الذي يرفع من قدرتهم على استبعاد كل ما هو سلبي والاتجاه والتعلق بالرسائل الإيجابية الهادفة مما يسهم في الارتقاء بالذوق العام للمجتمع.
كما أصبحت حتى منصات التواصل الاجتماعي تؤدي دورا رئيسا في بناء الوعي أيضا، وصارت ركنا أساسيا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات بالنسبة لكثير من الأشخاص في العالم.
فالواجب على هذه الوسائل نحو المجتمع هو بناء وعي جماهيري، وتوجيه المجتمع نحو انتقاء المحتوى الإيجابي القيم والمفيد، وتشجيع أبنائه على المشاركة في تقديم وتطوير محتوى متميز، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في إيجاد مضامين إعلامية مبتكرة، وذلك بهدف الضبط الإعلامي وبناء الذوق العام للمجتمع والارتقاء بمنظومة القيم والأخلاق فيه.