من خصائص الديموغرافيا، إجراء دراسة، حول السكان، وأعدادهم، لنعرف احتياجاتهم، ومعدلات النمو، والوفيات، حتى تصبح لدينا خطة واضحة، لتحديد الحاجات الحالية، والمستقبلية.
ومع تطور الشريحة السكانية، واختلافاتهم، أصبحت هناك ديموقراطية، حكم الأكثرية، ومع تدرج هذا المصطلح، ظهر أناس لا يعجبهم شيء، ناقدين، همهم المخالفة، لمجرد إثبات الوجود، فانشقوا ليصبحوا متظاهرين، والتظاهر طلب مسبوق بضغط، أيا يكن هذا الضغط، وعلى حساب من.
ومن هنا تغلغلت هذه المصطلحات في التعاملات الإنسانية، فتجد من يغلبك برأيه، ومن يهزمك بسيفه، باعتقادي كلهم واحد، فالرأي والسيف حدان، لا ثالث لهما، يحركان بلادا، ويغزوان فكرا، ومن الممكن أن يتحول الرأي يوما لسيف يقتل، ويبطش.
هذه الأيام، أصبح التسويق لكلمة تظاهر مدعاة للسخرية، فالكل عنده مطالب، ولك أن تطالب، لكن عدم استتباب الأمن، وإحداث فوضى، يعني ان مطلبك غير مشروع، وانك تريد فقط شو، وهذا يقاس على كل شيء في الحياة، بدءا من ابنك حين يرفض الذهاب للمدرسة، بحجه انك لم تشتر له جهاز الآيفون الجديد، المتظاهر الصغير، الذي بداخله، جعله يملي شروطه قبل شروطك، ويعلن العصيان، وهنا عليك، إما ان ترضخ لمطالبه، وتساويها وديا، أو تعلن أنت رفضك لها، وتكون هنا العصا لمن عصى.
الجهل بالأولويات يجعلنا عرضة أكثر للتشبث بأي رغبة، والإلحاح، بل تحويلها لقضية رأي عام.
أي طلب متبوع بضغط يخرج من كينونته السليمة، ليجتاح ما هو أمامه، وربما يدعسه، من أجل تحقيق مطالبه، وهذا قد يجده الإنسان مع نفسه، حين يدمن سلوكيات معينة تضره، فلا يعود يسيطر على نفسه أمام الإغراءات، وما له الا ان يستجيب، ولكن كل مرة بشكل أقوى.
وهنا ننوه إلى أن عدم تحديد الأولوية، يجعل مشاعر الدونية تكتسح، فتضطر كل مرة ان تتنازل عن شيء ما، لتصل لما تريد، مرة تكون أخلاقك، ومرة ضميرك، وهلم جرا، حتى تجد نفسك فارغا من الضوابط.
ديموقراطيتك في العمل، والاجتماعات الأسرية، لابد أن تتمثل في صوت الأغلبية، والا وجدت انقسامات داخلية، وأحزابا، وهمزا، ولمزا، وهنا شق ثان من تسييس البعض للرأي، وجعله إما معانا معانا، أو علينا علينا، لا يوجد حل وسط يتمكن منه الأفراد، تبادل المعلومات، التصحيح، اكتساب فهم جديد، وهذا ما جعلنا منغلقين بعض الشيء تجاه أي تغيير، وجديد نمجد أمجاد الأولين، وقد يخيل لنا فترة، اننا من صنعناها، من كثر ما رددناها، وهنا يقل الدافع الشخصي لتكون ذاتك، الجهل بالشيء مصيبة، لكن تجاهله، مصيبة، أعظم.
كل يخلي باله من ديموقراطيته، نقية، واضحة، أمامه جلية، فعلى الأرجح، الكل، أصبح له قيراط من يباسة الرأس، فهذه الأيام الكل خبير اقتصادي، وسياسي، تسأله عن أي دواء يجد فيه الداء.
Dr_ghaziotaibi@