نريد أن نرفع شفاعة حب، ننشرها كالسحر، شفاعة تغفر للمخطئ زلته وللمقصر تقصيره.. شفاعة حب تمنع الأخ من أن يقطع وصل أخيه، لئلا تمضي السنون ونراه باكيا يتحسر على قبره، شفاعة حب تمنع الأم من الضرب.. الصراخ بشكل هستيري بسبب ابنها الذي ضاقت ذرعا بتصرفاته الطفولية فنراها متزنة متحكمة بانفعالاتها يساعدها في ذلك صورة ذهنية لولدها وقد أقبل عليها رجلا، يطبع قبلة على جبينها، فتهون عليها الفوضى الذي أحدثها وقطعة السجاد التي افسدها.. شفاعة تمنع صاحبة البيت (المعزبة) من أن تشفي غليلها، وترمي بهمومها على العاملة المنزلية، تصرخ وتوبخ بسبب طبق نسي غسله، فنراها تستبدل أسلوب التعنيف بالتنبيه الراقي الذي يعكس شخصيتها، شفاعة حب تتغلب على انفعالات معلم، ضاق ذرعا بطالب مشاغب فلا يأخذه بالصراخ والضرب حتى لا يضيع العلم وتموت التربية، شفاعة حب تترفع بصاحبها عن سفاسف الأمور فيحب نفسه ويرقى بها، فلا يعلو صوته لمجرد خلاف في محل تجاري حول فاتورة شراء.
نسعى لشفاعة حب تمتد لتطول أهلنا في قطر والسعودية والامارات فلا نرى تعليقات محزنة تحت كل صورة أو «هاشتاق» في وسائل التواصل، تسم كل شعب بأسوأ الصفات، فيركب كل فارس صهوة السياسة يسب ويشجب أخاه، فتتفرق الصفوف وتضيع الوحدة، شفاعة حب تتغلغل في عروقنا فنحب كل انسان دون الالتفات لجنسه أو دينه أو لونه.
عندما ينتشر الحب يعم السلام، ان لم يكن لنا يد كشعوب بأن نتحكم في قرارات مصيرية في العالم، فان شفاعة الحب هذه بإمكانها أن تذيب كل الفروق والطبقية والتقسيمات التي لا تزيد الشعوب الا فقرا وضعفا وظلما وحروبا، فلا جنسية لها أفضلية على أخرى، ولا دين يجبر معتقدي دين آخر على اعتناقه، ولا لون يتسامى على لون ويهبه السادية، ولا مكانة اجتماعية لـ (أب -أم - أخ أكبر -عم -خال..) تعطي صك غفران لصاحبه فيسمح له بارتكاب أي نوع من التصرفات المعتوهة مع من هم تحت رعايته.
وما العالم الا شعوب، والشعوب قبائل وعوائل، والعوائل هي أسر كبيرة وصغيرة، والأسرة أنا وأنت نكونها ونصنع أخلاقها وقيمها.. وأولى تلك القيم الحب، وهل تستمر نواة المجتمع «الأسرة» دون حب؟! أو شفاعة حب؟!