لست من الميالين إلى أن الموت يغفر خطايا الميت وينقله من خانة الشياطين إلى خانة الملائكة.
وفي رأيي أن الموت لا يطهر صاحبه ولا يغسل آثامه بماء الورد.
فالخطاء خطاء حيا كان أو ميتا، وكل ما يجول في ذهني خلال كتابتي أو حديثي عن ميت هو أنه بات رميما تحت الأرض وفقد حواسه فلا يرى ولا يسمع ولا ينطق، وبالتالي فإن كل ما سيقال عنه لن يصله ولن يكون قادرا على الرد والدفاع عن نفسه إن كان متهما أو مذموما.
وكنت قد قرأت في جريدتنا «الأنباء» عدد يوم 5 فبراير من هذا العام 2018 ما نقلته عن صحيفة اسبرسو الإيطالية من مذكرات رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات ولقد اشتملت هذه المذكرات، في حال صحتها، على مخازٍ ونقائص تلاحق عرفات حتى بعد مماته.
ففي تلك المذكرات نقرأ أنه أخذ رشوة كبيرة من رئيس الوزراء الإيطالي ذي الفضائح الكثيرة والسيء الصيت «سلفيو برلسكوني» مقابل شهادة زور لتبرئة «برلسكوني» من التهمة الموجهة إليه وهي رشوته لبعض الأحزاب الإيطالية.
وكذلك ادعاء «عرفات» بأنه أجبر على الوقوف مع صدام حسين في احتلاله الكويت، وأنه «وبخ» صدام كثيرا وحاول إثناءه عن قراره الخطير!!
وادعى أنه أجرى عدة مكالمات مع صدام للتراجع عن هذا القرار «المجنون»!!
وتفضح المذكرات ما قامت به منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة «ياسر عرفات» من خطف السفينة الإيطالية «أكيلي لاورو» وقتل الراكب الأميركي اليهودي المقعد لينون كلينغهوفر، وكيف تم الاتفاق بين عرفات و«جولي أندريوتي» وزير الخارجية الإيطالية في حينها بالسماح لمنفذ العملية «أبي العباس» بالفرار لإحدى الدول العربية.
وكذلك جرى الاتفاق بين «عرفات» وإيطاليا على أن تغض إيطاليا النظر عما تقوم به منظمة التحرير الفلسطينية مقابل أن تمتنع المنظمة عن القيام بعمليات إرهابية على الأراضي الإيطالية.
لعل هذا هو ما يهمني مما نشر، وهو كافٍ لنسف كل ظن حسن في الساسة، فالعيب لم يطل «عرفات» وحده وهو المستأمن على «قضية العرب الأولى» بل طال ساسة أوروبيين أيضا، وهذا يعطينا مؤشرا على أن العاملين في الحقل السياسي في أغلبهم هم لصوص قانونيون!! [email protected]