تكلمت في المقال السابق عن المدن الجديدة البعيدة وركزت على هندسة الطرق، واليوم اكتب عن ضاحية عبدالله السالم، هذه الضاحية التي تعتبر قسائمها من اغلى الأراضي في الكويت ليس لموقعها الاستراتيجي، ولا لتضاريسها المرتفعة، ولا لمناخها وجوها العليل، ولكن لانها كانت آخر منطقة قريبة للعاصمة والأسواق توزعها الحكومة، وكانت الفرصة الأخيرة لمن لم يترك مسقط رأسه في مناطق «چبله، وشرق، والمرقاب» واغلبهم التجار لذلك جمعت هذه الضاحية «الچبلاوي» و«الشرقاوي» و«المرقابي»، وميزة هذه الضاحية إن سكانها حاولوا اعادة تكوين أحيائهم «فرجانهم» من جديد بكل مكوناته من ديوان ومسجد وتجميع اقاربهم وذويهم بنفس القطعة لذلك اشتروا الأراضي بأغلى الاثمان «ومن يطلب الحسناء لم يغلها المهر» وبهذه الأسباب «نوعية السكان - ورائحة وطعم وصورة الماضي بهذا التكوين الجميل كان هذا الغلاء»، أضف على ذلك ان الضاحية يسكنها اكبر عدد من المسؤولين والشخصيات المهمة. كل ما سبق ليس هذا موضوعنا فالمثل يقول: «الحلو ما يكمل».
صحبت حفيدي الى مركز المتبرع «عبدالكريم ناصر السعيد للأمراض الجلدية» التابع لوزارة الصحة العامة، انه مبنى جميل جدا يليق بهذه المنطقة، يطل على شارع الرياض، فحين دخلت الضاحية ثم انعطفت يمينا على شارع سيد على الرفاعي وعند مسجد السهول، كلما وجدت مدخلا انعطفت، واذا به مستوصف، فخرجت ودخلت شارعا مرصوفا آخر واذا به مدخلا لثانوية يوسف بن عيسى، فاحترت فسألت احد السكان فضحك وقال تحتاج الى جهاز النوخذة (GPS) للوصول الى غايتك فأخذ يصف لي: عندما تخرج من «المدخل والمخرج» المشترك والوحيد للثانوية تجد رصيفا مدفونا ومغطى بالاسفلت تسير عليه ثم تدخل سكة لا تخشى منها فهي ممر عام، ولو ان شكلها جزء من احد البيوت استمر ستجد ساحة لمواقف السيارات قف بها وتمشى راجلا بمحاذاة شبك الطريق ستجد الباب على يسارك «واكمل مازحا اذا وصلت.. اسجد لله شاكرا» شكرته وسلكت الطريق حسب وصفه وكدت اصطدم بسيارة مسرعة خارجة من المدرسة الثانوية، وركبت الرصيف «كما وصف لي» واذا بالطريق كأنه جادة برية عليها اسفلت دون رصيف ودون كتف للرصيف واذا بمدخل كأنه مغارة علي بابا، هل أصدق ما أرى؟ هل أنا بالضاحية ذات الصيت المدوي أم أنا في احد سكيك جليب الشيوخ، هل يعقل ان هذه منطقة حديثة التخطيط والتنظيم، هل يعقل ان هذا حل خرج به مهندسون ومسؤولون متعلمون في وزارة دولة حضارية؟
فعلا التعليم شيء، والذوق شيئا آخر!! انني أدعو وزير الأشغال ومدير البلدية ومختار المنطقة الى زيارة هذا المدخل الغريب، صباحا والوقوف عند مسجد السهول ليروا تشابك السيارات الداخلة والخارجة من مرافق عامة يقصده مئات المراجعين والطلبة والموظفين انه مثلث الموت، حفظ الله مستخدميه من كل شر.
يقول عز من قائل: (كلا إنها تذكرة «١١» فمن شاء ذكره «١٢») اللهم اني بلغت.
[email protected]