يحكى في روايات تاريخ العرب، وأغلبها مفبرك، أن طارق بن زياد حين وصل بسفنه وجنوده شواطئ إسبانيا قام بحرق سفنه ثم خاطب جنوده بقوله: البحر من ورائكم والعدو أمامكم فأين المفر؟
وطني اليوم أحرق سفننا ووضع البلاوي أمامنا فما عدنا نعرف أين المفر؟
في ذات زمان جاءتني عروض للعمل بالخارج، قبل الغزو وإبان الغزو وبعد التحرير، رفضتها كلها رغم ما كان فيها من إغراءات مادية وأدبية، بل إني في زمان ما أوقفت استكمال أوراق بعثتي للدراسات العليا في الخارج خوف أن يمزقني الشوق لوطني.
اليوم أجد فكرة طرأت على بالي قبل خمس سنوات بالهجرة فكرة سديدة، الأنكى من ذلك تشجيع أبنائي على فكرة الهجرة نهائيا قبل أن يصبحوا حصى وتد أكله الصدأ في أرض اكتشفنا زيف شعار لا تيأس من وطنك فيها.
الفساد حولنا مستنقع آسن نغرق فيه وما من مغيث، والزيف يتغلغل في كل مفاصل حياتنا بدءا من مشاعرنا مرورا بشهاداتنا وانتهاء بجنسياتنا فما عدنا ندري من نحن.
وصفنا المقبور بأننا دولة كرتونية فهل نحن كذلك مجرد كرتون ضعيف لا أعمدة فيه وسريع الانهيار؟
أنا وصلت لليأس من وطني ولا أملك ما يؤهلني للفرار.
لكن أبنائي هل يملكون فرصة التغيير أم سيصبحون مثلي أسرى سفن محروقة وعدو ينتشر في كل خلايا الوطن ولا يملكون سوى اليأس والصراخ أين المفر بعد فوات العمر؟!