بعد أن أشرقت شمس الإسلام في الجزيرة العربية تمكن العرب بفتوحاتهم العسكرية من التوسع وبسط نفوذهم خارج مناطقهم التاريخية.
فخضعت مناطق كثيرة لسيطرتهم ودخلت الشعوب بمختلف أعراقها في نطاق العروبة، ولم يزل هذا الواقع الجديد قائما حتى اليوم ولم يتبدل أو ينحسر. وذلك أمر يحسب للعرب ويضاف إلى «قوة تأثيرهم» الثقافي.
ويمكن ملاحظة تأثير اللغة العربية في اللغات الأخرى حتى تلك التي لم تخضع للنفوذ العربي. ورغم هذه الحقائق التي تدعو للسعادة والثقة بالنفس تجد بيننا من يتباكى على انحسار المجد القديم تحت وطأة الذهنية الجنائزية.
> > >
نبدو أحيانا كمن يعيش في المقلوب. فنبكي في حالة الفرح حيث لا يتوجب البكاء. ونشكو من انحسار نفوذ لم ينحسر (!) بل بقي واستمر حتى ساعة إعداد هذا المقال. فالعرب لا يزالون يحكمون الدول التي وقعت تحت نفوذهم وأصبحت عربية.
لا مثل إسبانيا التي كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس وشملت رقعة نفوذها العالم بأكمله بما فيه الأميركيتين. واليوم لا نفوذ ولا وجود للإسبان في الدول التي كانت تتبع امبراطوريتهم العتيقة حيث لم يتبق لهم هناك سوى لغتهم وأقوام يتحدرون من أصول إسبانية.
> > >
الامبراطورية البريطانية العظمى التي كان أكثر من نصف البشر الذين يدبون على وجه هذه البسيطة يخضعون لحكمها وقت كان التاج البريطاني يرتفع في مستعمراتها الكثيرة، ومنها أميركا الشمالية والهند واستراليا، كما كانت بيارقها ترفرف على سفائنها العظيمة التي تجوب البحار والمحيطات فأحكمت قبضتها على الماء واليابسة في كوكب الأرض.
قبل أن ينحسر نفوذها لتعود إلى داخل جزرها (الأرخبيل) قبالة الساحل الشمالي للقارة الأوروبية ولم نسمع أن بريطانيا حكى، أو شكا أو بكى وأنشد مرثية عن (الهند السليب) على غرار الأندلس!
www.salahsayer.com
salah_sayer@