[email protected]
أُم خمسينية تقول: تقاعدت بعد عملي بالتربية طيلة 32 عاما مضت، توفي زوجي وكرست حياتي لعيالي الأولاد والبنات، أعطيتهم زهرة شبابي وضحيت من أجلهم أسهر وينامون، أطبخ ويأكلون، أعاني وأوفر لهم كل مستلزمات العيش الكريم.
سار الزمان وانقضى الوقت وذهب الشباب، واعتلت الصحة ومضت سنوات عمري، وفرحت بهم جميعا.. تزوجوا ولهم الآن بيوتهم ويزورونني كل أسبوع هم وأولادهم، ولم يبق في البيت إلا أنا والخادمة والسائق.
أتعرف أخ يوسف ماذا يزعجني الآن بعد مضي هذه السنوات؟ وماذا يحز في خاطري؟ انهم رسميون في تعاملهم، لا يفكر ولد او بنت في المبيت عندي في بيتي او دعوتي لمطعم معهم او دعوة لسفرة معهم، واحفادي احب ان اعيش معهم كل لحظة، فالعمر يمضي وانا انسانة لي مشاعري واحاسيسي ورغباتي وامنياتي!
يحز في نفسي كثيرا عندما اسمع منهم انهم التقوا في سفر او مطعم او مول واتضايق واقول: شدعوه يا حافظ «اميمتكم» ما لها خاطر عندكم؟!
والله اخ يوسف هذه آلام ومشاعر تجرحني وتجعلني اتضايق!
انا لست جمادا لا يحس ولا يشعر!
اخ يوسف، انا في «صحتي» شايلة نفسي واقدر اروح واجي واسافر، بس هم «قساة» لا يفكرون الا بأنفسهم وعيالهم وانا على هامش حياتهم، وبالفعل حرموني من اوقات كنت اتمنى ان اكون برفقتهم ومع احفادي!
ومضة: صرخة «أُم خمسينية» نسيها عيالها في خضم مشغولياتهم الدنيوية وجعلوها تعاني «كبتا» في مشاعرها ولم يعلموا ان «برّها حية» افضل بكثير من برّها ميتة!
السؤال: لِمَ لم يلتفت هؤلاء الابناء الى امهم التي ربت وكبرت؟
لِمَ يجعلونها تتحسر في حياتها وتعيش تعيسة!
ماذا يكلفهم اصطحابها معهم في «سفرة» أو «مطعم»؟
آخر الكلام: عزيزي القارئ، لا تجعل ابدا امك «تنقهر حية»، حاول كثر ما تقدر ترضيها وتنال رضاها!
زبدة الحچي: أيها الولد، ايتها البنت: امكم جنتكم أو ناركم!
تذكروا ما قاله الشاعر:
قد يعشق المرء من لا مال في يده
ويكره القلب من في كفه الذهب
ما قيمة الناس إلا في مبادئهم
لا المال يبقى ولا الالقاب والرتب
كلنا راحلون عن هذه الحياة الفانية، فاحرص على امك، ثم امك، ثم امك.. فهي والله جنتك في الحياة الدنيا وإكرامها وهي حية من البر فلا تكن «عاقا» متحجر الاحساس.. فكر بها وشاركها في الحياة كل احاسيسها، ونفذ طلباتها، فهي والله جنتك أو نارك!
أيها الأبناء في كل مكان: لا تنسوا وأنتم في الحياة أن لكم آباء وامهات يفرحون بلقياكم ومشاركتكم فرحة الحياة، فلا تهملوهم حتى لا نقول: الجزاء من جنس العمل، فيهملكم أولادكم «عقابا» و«جزاء» لما قمتم به، فهو دين مرجوع، والنصيحة: بروا آباءكم وأمهاتكم وهم أحياء بارك الله فيكم!
أختي يا من أرسلت «ايميلك»: ارجو ان تفرحي بما كتبت واتمنى ان يصل الى عيالك فتسعدي بصحبتهم.. في أمان الله.