قبل ولادة تويتر وأشقائه في «التواصل» بسنوات ولدت المنتديات والمدونات السياسية التي كانت جزءا هاما لتناقل المعلومات ومساحة شاسعة واسعة لقياس الرأي العام بعيدا عن مجالات القياس التقليدية، وكان ابرزها وأهمها وأكثرها شهرة يومها الشبكة الوطنية الكويتية، حوت الرأي والرأي الآخر وقدمت المعلومة ونشر فيها ما لم يكن تسمح قوانين النشر بنشره، وكانت تلك الشبكة اقرب الى الصحيفة اليومية التفاعلية، بل اقرب ـ ان لم تكن كذلك ـ إلى ملتقى سياسي افتراضي شارك فيه سياسيون معروفون بأسمائهم أو بأسماء مستعارة ينقلون عبر ما تكتبه آراؤهم السياسية، ومن بينهم نواب مجلس أمة بل وجزء من سكرتاريتهم الإعلاميين.
***
كان يقف وراء إنشاء ذلك المنتدى السياسي الصديق الإعلامي سعود العصفور، ولم يكن إنشاؤه له من باب الترف السياسي «الزائد عن الحاجة»، ولم يكن كذلك بالنسبة له بابا ليدخل عبره نحو الوجاهة السياسية التي أصبحت لاحقا مطلبا للجميع، بل أنشأ العصفور الشبكة لإيمانه بأهمية خلق مساحة من الحرية ورفع سقف ما هو متاح، فعملت الشبكة وفق مبدأ حرية الرأي حق للجميع حتى ولو كان ذلك الرأي مخالفا لصاحبها ومبتكرها، ولهذا السبب ـ ربما لهذا السبب وحده ـ كانت الشبكة الوطنية عبارة عن برلمان كويتي افتراضي ناجح بامتياز.
***
ومن واقع متابعتي اليومية للشبكة الوطنية قبل ولادة وسائل التواصل الحديثة أستطيع ان أعدّد كمّاً من قضايا الفساد التي كشفت بواسطتها وكان بعضها قد تحول الى قضايا رأي عام، وجزء منها كان سببا في تحولات جذرية حلت بالمشهد السياسي المحلي.
***
مهندس الميكانيكا سعود العصفور لم يكن ابتكاره لتلك الشبكة الإلكترونية الرائدة في شكلها كمنتدى سياسي نتاج استعانته لخبرات آخرين كما يفعل «ربعنا»، بل كانت فكرة وتقنياً من صناعة يديه 100%، فهو لمن لا يعلم كان من أوائل من انشأ موقعا إلكترونيا كويتيا في النصف الأول من التسعينيات، وأسس كذلك موقع محادثة عربي في الولايات المتحدة الأميركية عندما كان يدرس الهندسة هناك، فكان بذلك احد الرواد «الإنترنتيين» قبل ان تحط «الإنترنت» رحالها في فضاء البلاد.
***
اعتقد ان سعود العصفور يستحق ان يكون بشكل ما الأب الروحي للسياسة الإلكترونية الكويتية بشقيها العملي والتقني، وما الشبكة إلا دليلا واحدا على ما ذكرته عنه أو عنها.
***
توضيح الواضح: للأمانة ما كان يفعله سعود العصفور في التسعينيات من تأسيس وإنشاء مواقع إعلامية تحمل اسم الكويت في زمن الأمية الإنترنتية هو ما يفعله الآن بعض من أدعياء الإعلام الإلكتروني ويكسبون ويتكسبون منه، ولأنه صاحب مبدأ لم يسع سوى لتأكيد مبدأه الذي يؤمن به ولم يكسب أو يسعى للتكسب.
[email protected]