- د.نعيمة طاهر لـ «الأنباء»: الحظر ساهم في زيادة ارتكاب الجرائم بالمجتمع الكويتي مؤخراً وأصبحت له آثار سيئة على الإنسان منها الضغوط النفسية والشعور بتقييد الحرية
- د.يعقوب الكندري لـ «الأنباء»: القضاء على العنف بحاجة إلى تضافر جهود المؤسسات الأمنية والإعلامية والمجتمع المدني وهناك جرائم غريبة تشكل ظاهرة تستحق الدراسة
- د.خضر البارون لـ «الأنباء»: تتعدد أسباب الجريمة والنتيجة واحدة ولابد من إعادة النظر في التشريعات الحالية وكيف لمجرم أن يترك حراً طليقاً بالشارع ومسجل عليه 40 قضية؟
آلاء خليفة
خلال 72 ساعة في الكويت، مقتل مواطنة في صباح السالم، طعن شاب برقبته في منطقة صباح الناصر، طعن بدون في مشاجرة دامية في تيماء، مشاجرة عنيفة في الاندلس، طعن مواطن بمشاجرة في أم الهيمان، ضرب وعنف وقتل واصابات وضحايا ومشاجرات دموية شهدتها شوارع الكويت في الايام الاخيرة بشكل مخيف وبطريقة تقشعر لها الابدان، ولعل جريمة مقتل المغدورة فرح أكبر شاهد على بشاعة ارتكاب تلك الجرائم.
«الأنباء» اتجهت الى اهل الاختصاص من الاساتذة النفسيين والاجتماعيين في جامعة الكويت للتعرف على اسباب زيادة ارتكاب الجرائم مؤخرا وما الحلول للقضاء على العنف، حيث اكدوا ضرورة إعادة النظر في التشريعات الحالية وتغليظ العقوبات حتى يكون المجرم عبرة لمن يعتبر ولكل شخص تسول له نفسه بإيذاء الآخرين، واليكم التفاصيل:
بداية، قالت استاذة علم النفس الجنائي بجامعة الكويت د.نعيمة طاهر لـ«الأنباء»: استغرب حقيقة من زيادة ارتكاب الجرائم في الكويت مؤخرا بالرغم اننا في الشهر الفضيل الذي يتجه في الانسان لربه عز وجل، ولكن مع الاسف نجد سلسلة من الاعتداءات والممارسات العنيفة التي اصبحت تتم في الشارع وفي وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع.
وتابعت د.طاهر: كان آخر تلك الجرائم والاعتداءات جريمة القتل البشعة التي تمت في منطقة صباح السالم والتي راحت ضحيتها المرحومة فرح أكبر، موضحة ان الحظر يعتبر من احد الاسباب التي ادت لزيادة العنف في المجتمع والذي اصبحت له آثار سيئة على الانسان، وجعله يشعر بحالة من الضغوط النفسية وتقييد الحرية.
جنح وليست جنايات
وأشارت د.طاهر الى ان الناس اصبحوا يشعرون بحالة من الملل والضجر بسبب الحظر ولا يوجد لديهم استعداد نفسي لاستمراره، مشيرة الى ان هناك حاجة ماسة لتغليط العقوبات وإعادة النظر في التشريعات، لافتة الى ان هناك بعض الجرائم يتم التعامل معها وفقا للقانون على انها جنحة وليست جناية بما يجعل الجاني يأمن العقاب.
وافادت د.طاهر بأن الفعل الذي يؤدي الى ارتكاب جريمة يصدر من شخص يعاني من ضغوط واضطرابات نفسية او مشاكل اجتماعية، مطالبة بضرورة تطبيق عقوبة الاعداد لكل شخص تسول له نفسه بقتل نفس.
العنف والشباب
بدوره، أوضح استاذ الاجتماع والانثروبولوجيا بجامعة الكويت د.يعقوب الكندري لـ«الأنباء» أن العنف ليس امرا جديدا على المجتمع الحديث بل موجود منذ بداية البشرية ومنذ وجود الانسان على هذه الارض.
ولفت د.الكندري الى ان العنف منتشر بشكل كبير في الكثير من المجتمعات الحديثة ومنها المجتمع الكويتي الذي شهد مجموعة من المتغيرات الاجتماعية والثقافية التي ادت الى ظهور العديد من المشكلات الاجتماعية ومنها قضية العنف التي انتشرت بشكل كبير وواسع في المجتمع الكويتي وخاصة في السنوات الاخيرة.
ولفت د.الكندري الى ان اكثر قضايا العنف الموجودة حاليا تختص بفئة الشباب تحديدا، موضحا ان هناك مؤشرات لزيادة حالات العنف من خلال ما تشهده الصحف المحلية ووجود نوعية مختلفة من العنف التي ظهرت بشكل كبير على الساحة المحلية الكويتية من خلال ارتكاب جرائم بشكل بشع ويندى لها الجبين ونوعية الجرائم التي اصبحت غريبة وتشكل ظاهرة تستحق الدراسة.
عنف وحلول ودية
وأفاد د.الكندري بأن هناك العديد من الدراسات أكدت أن فئة الشباب هي أكثر الشرائح التي تقوم بارتكاب الجرائم، مشيرا الى أن حجم ظاهرة العنف أكبر بكثير مما تسجله الصحف المحلية وتتناقله وسائل التواصل الاجتماعي ولكن لا يظهر كميا في مجتمعنا نتيجة لعوامل مختلفة منها حل الإشكالية وديا بين الطرفين قبل تسجيل القضية، موضحا أن طبيعة المجتمع الكويتي انه مجتمع محافظ وغالبية المشاكل الأسرية تحل داخل المنزل ولا يتم تسجيل قضايا بها
وذكر الكندري أن حل إشكالية العنف يتمثل في تضافر الجهود لا تنحصر فقط على المؤسسة الأمنية انما هناك أدوار مختلفة يفترض ان تقوم بها مؤسسات مختلفة منها المؤسسة الإعلامية وهي المسؤولة عن نشر التوعية وكذلك المؤسسة الدينية ومؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن ضرورة ان يكون هناك تطبيق حازم للقانون للحد من إشكالية العنف.
دراسة حبيسة الأدراج
وبين الكندري انه قد قام بعمل دراسة سابقة بالتعاون مع وزارة الشباب وكانت دراسة تطبيقية ميدانية ونظرية وضعت من خلالها بعض المقترحات التي تحد من ظاهرة العنف، مشيرا الى أن هناك العديد من الدراسات التي يقوم بها الباحثون ولكن مع الأسف أصبحت حبيسة الأدراج ولا تتم الاستفادة منها متطلعا للقضاء على ظاهرة العنف في المجتمع.
حالة استهتار
من ناحيته، أوضح أستاذ علم النفس بجامعة الكويت د.خضر البارون لـ«الأنباء» ان الجريمة لها أسباب عديدة ولكن في الواقع أن «من أمن العقوبة أساء الأدب»، موضحا أن مع الأسف الشديد الجميع مقصرون في الأدوار المنوطة بهم في تربية الأجيال الحالية وحماية النشء من الانخراط وراء العنف وارتكاب الجرائم.
وقال د.البارون إن هناك حالة من الاستهتار يعيشها المجتمع حاليا، استهتار بأرواح الناس وحقوقهم واصبحنا نفتقر إلى وجود القيم الحقيقية في المجتمع الكويتي التي تردع الناس عن أذية الآخرين، موضحا انه قد زادت حالات الواسطة والتستر والإعفاء من العقوبة ما ادى الى زيادة جرائم القتل والسرقات والاختلاسات وكذلك تحدث الجريمة بسبب رغبات الإنسان الجامحة التي لا يستطيع ان يكبحها، وهذا الأمر يعود الى التربية فهذا الشخص لم يتعلم كيفية اخذ الحقوق بالطرق القانونية المشروعة.
تشديد العقوبات
واشار د.البارون الى الجريمة البشعة التي هزت المجتمع الكويتي في الأيام الأخيرة وهي جريمة مقتل المغدورة فرح أكبر، قائلا: للمرة الاولى اشاهد جريمة بهذه البشاعة وغير المقبولة من الناحية الدينية ولا الاجتماعية ولا الأخلاقية، مطالبا وزارتي الداخلية والعدل بتشديد العقوبات حتى يكون المجرم عبرة لمن يعتبر كما طالب كذلك بالبعد عن الواسطة في اخراج مجرم فقط لان لديه واسطة قوية.
وأضاف د.البارون: تتعدد أسباب الجريمة ولكن النتيجة واحدة هناك ضحية وهناك مجرم لابد من محاسبته بأشد العقوبات وسن القوانين والتشريعات الرادعة، مشيرا الى ضعف الوازع الديني لدى بعض الأشخاص ومنهم هذا المجرم الذي قتل المغدورة فرح أكبر ولم يحترم مشاعر المسلمين في الشهر الفضيل وارتكب تلك الجريمة البشعة التي اقشعرت لها الأبدان وتساءل د.البارون: كيف لهذا المجرم أن يُترك حراً طليقاً بالشارع ومسجل عليه 40 قضية؟ ما جعله يرتكب تلك الجريمة الشنعاء بدم بارد وبتجرد من كافة المشاعر الإنسانية.
أعربت عن اعتقادها أن الإنسان صنيعة الظروف المحيطة به
القبندي: وتيرة العنف زادت في المجتمع وفي سلوك الناس وممارساتهم اليومية
دارين العلي
قالت أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت د.سهام القبندي، تعقيبا على جريمة صباح السالم التي راحت ضحيتها فرح حمزة أكبر، انه من الملاحظ زيادة وتيرة العنف في المجتمع والذي يمكن ملاحظته في السلوك العام الذي يصدر من الناس في ممارساتهم اليومية.
ولفتت د.القبندي الى أن مظاهر العنف تبدأ بالقيادة في الشوارع والتعرض للتنمر، وكذلك التعرض للحوادث اذا لم يتم الانصياع وترك الشارع لتتجاوز قواعد الاخلاق قبل قواعد المرور، وفي الكثير من التصرفات.
واضافت: ان من يقوم بزيارة وسائل التواصل ويرصد الحوارات والتغريدات سيكتشف كما من اللغة الساخطة والمفردات التي تحمل الكثير من التجاوز على الآخرين.
وأعربت عن اعتقادها أن الإنسان صنيعة الظروف المحيطة به والظروف المجتمعية التي يعيشها، ولغة العنف والبطولات العنيفة ونموذج البطل العنيف وحتى ألعاب الأطفال كلها باتت تحمل طابع العنف والقتل، لذلك علينا الانتباه إلى الكثير من الأمور الخاطئة مع التوعية المجتمعية المناسبة.
وأشارت د.القبندي الى أن لغة العنف والتهديد أصبحت سائدة بعد أن اختلت القيم السائدة في المجتمع والمنظومة الأخلاقية، فما كان في السابق مرفوضا أصبح اليوم ينظر له الآن بشكل آخر، فحتى منظار النجاح والغنى كان مرتبطا بالعمل والإنجاز، أما اليوم فهناك ملايين الطرق الغريبة التي توصل للغنى والشهرة والوجاهة بغض النظر عن إذا ما كانت صحيحة أو خاطئة.
ناشدت الحكومة الالتفات إلى ملف العنف الذي يقع على النساء
الحشاش: القانون يحمي القاتل الرجل تحت مسمى جرائم الشرف أو مختل عقلي
- لماذا لا يتم أخذ بلاغات التهديدات التي تقدمها النساء على محمل الجد؟
دارين العلي
علقت رئيس جمعية السعادة الكويتية نجاة الحشاش على جريمة قتل صباح السالم، حيث اعتبرت انها جريمة بشعة بكل المقاييس ضحيتها بنت الكويت فرح حمزة وقبلها ضحايا كثيرات، فحادث منطقة سلوى الذي ذهبت ضحيته سيدة حامل غدرا على يد أخيها أيضا، وأخرى على يد زوجها وغيرهن كثيرات لكن للأسف لم نر إلى اليوم سرعة القصاص اتخذت ضد هؤلاء القتلة.
وأضافت الحشاش في تصريح لـ «الأنباء» انه ومنذ يوم الحادث إلى اليوم هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها لماذا وصلت الحالة إلى سهولة القتل؟ ولماذا القاتل ينفذ جريمته بدم بارد؟ هل أمن العقوبة؟ هل تجرد هذا الشخص من الدين والإسلام ومن الشعور بالخوف من عقاب الآخرة؟ هل الإدمان لعب دورا في غياب العقل؟
وقالت: نحن لا نعرف سوى اننا أمام جريمة انعدمت فيها الإنسانية فحتى الحيوانات ترحم بعضها البعض، ونحن نرى شياطين الأنس تقتل روحا بريئة أمام أبنائها بلا أي مشاعر ولا إحساس وبشكل متجرد من أي معاني الإنسانية.
وتساءلت الحشاش: بأي ذنب قتلت فرح وغيرها؟ هل لأنهن نساء، والقانون يحمي القاتل الرجل تحت مسميات جرائم الشرف أو مختل عقلي أو مريض نفسي وغيرها.
وأضافت: لا يمكن للكلمات أن تعبر عن الألم والحزن وعن مواساتي لعائلة المغدورة، فلا توجد كلمات مواساة في القاموس ولا في أي لغة في العالم تستطيع أن تعبر عن مشاعرنا نحن النساء ونحن الأمهات، فأنا كأم أعلم حجم المصاب والألم والفاجعة على قلب والدتها وعائلتها.. أسال الله لها الرحمة والمغفرة ولذويها الصبر والسلوان وأن يجبر الله قلوبهم.
وناشدت الحشاش الجهات المعنية سرعة القصاص وتنفيذ عقوبة الاعدام في هذا القاتل «الوحش البشري» لكي يكون عبرة لغيره، وأن يتم تطبيق شرع الله، قال تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)، مناشدة الحكومة أن تلتفت إلى ملف العنف الذي يقع على النساء وأن يتم أخذ بلاغات التهديدات التي تقدمها النساء على محمل الجد وألا يتساهلون بمثل هذه المواضيع، ويجب أن لا نترك باب الدية مفتوحا بالشكل الذي أصبح شبه يومي ونلاحظ طلبات لدفع دية القصاص وتخليص قاتل من العقوبة، فللإنسان حرمة عند الله كبيرة وللمسلم حرمة عظيمة، فلا يحل لأحد قتله أو سفك دمه، أو انتهاك حرمته، قال تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).