في الوقت الذي تتعالى فيه التحذيرات من أزمة مالية عالمية محتملة، مشابهة لتلك التي ضربت الاقتصادات العالمية قبل نحو 12 عاما، أثبتت البنوك الكويتية المحلية قدرتها الفائقة على مواصلة النمو وتحقيق الربحية بعدما وصلت إليه من مستويات من السلامة المالية يؤهلها لامتصاص أي صدمات تجارية أو مالية عالمية أو إقليمية. ولعل «الأرقام» خير دليل على قوة البنوك الكويتية، فقد بلغت موجودات القطاع المصرفي المحلي الإجمالية 83 مليار دينار بنسبة نمو سنوي 6.5%، لتعادل 225% من الناتج المحلي الإجمالي للكويت الذي سجل 36.3 مليار دينار في 2018، وأيضا تعظيم حقوق المساهمين التي بلغت للقطاع 9.22 مليارات دينار وبنمو سنوي نسبته 8% . وفي تقرير لوكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، أشارت الى أن البنوك الكويتية تتمتع برأسمال متين وتستوفي المتطلبات التنظيمية بشكل صارم، في ظل حصافة بنك الكويت المركزي الذي يضع ضمن أولوياته الحفاظ على بيئة مالية مستقرة وقوية من خلال تعزيز النظام المالي واستقرار سعر الصرف، وأخذ «المركزي» على عاتقه الذود عن العملة المحلية بالحفاظ على جاذبيتها عبر رفع أو تثبيت مدروس لمعدلات الفائدة خلال العامين الماضيين. وعلى الرغم من هذه المؤشرات الجيدة، إلا أن عدد من المصرفيين يؤكدوا لـ «الأنباء» على أن القطاع المصرفي الكويتي يقف أمام تحديات عدة، حيث يطالبون البنوك بتوسيع أنشطتها لزيادة التنافسية، بالإضافة إلى التوجه نحو الأندماج لتعزيز قدراتهم التنافسية.. وفيما يلي التفاصيل:
الموسى: اندماج البنوك سيزيد التنافسية بالسوق
أشاد وزير التخطيط الأسبق علي الموسى بأداء البنوك الكويتية خلال الفترة الماضية، مشيرا الى أن البنوك في الكويت تعتمد في عملها على الإقراض بشكل كبير، ولهذا يجب تعزيز عمليات الإقراض من أجل تنشيط الاقتصاد المحلي وتحسين آلياته.
ويشير الموسى إلى أن طبيعة البنوك في الكويت غير استثمارية ولا تسمى بالبنوك الشاملة كما في البنوك الأجنبية، إنما هي تجارية، لا تستطيع الاستثمار في العديد من المجالات الأخرى كغيرها ولهذا يجب على الحكومة خلق برنامج اقتصادي تنشيطي، يشارك فيه القطاع الخاص ويتم تفعيله بشكل جيد.
وحول رأيه في عمليات اندماج المصارف، قال: الاندماج سينشئ بنوكا مميزة في السوق المحلي وأن العملية ستؤدي إلى المنافسة بين الكبار، مشيرا إلى أن العالم يتطور ودور المصارف تزداد يوما تلو الآخر.
وأكد علي ان اندماج البنوك المحلية سيحدث قفزة نوعية في السوق المصرفي، ومن ثم سنكون أكثر قدرة على منافسة عابرة الحدود كما يقال.
السلمي: سيولة الترقية ستعزز آليات المصارف
يقول رئيس مجلس إدارة شركة الاستشارات المالية الدولية القابضة «إيفا» صالح السلمي ان أداء المصارف الكويتية جيد وآلية عملها في السوق تسير وفقا لخطة منظمة واستراتيجية يقودها بنك الكويت المركزي، لافتا الى أن ترقية البورصة ستنتج عنها دخول سيولة كبيرة الى السوق لاسيما قطاع المصارف الذي يرتبط طرديا بسوق الكويت للأوراق المالية. ويشير السلمي الى أن ارتفاع منسوب السيولة داخل البورصة سينعش حركة البنوك التي ستصبح الملاذ لأموال المستثمرين الأجانب المتجهين الى السوق، لافتا الى أن ترقية البورصة وما سينتج عنها من تغيرات مالية وتكنيكية سيشكل ضغطا على البنوك التي ستضطر الى تعزيز آلياتها التمويلية وستتجه الى ضخ المزيد من الأموال داخل السوق. ويضيف أن البنوك عصب الاقتصاد والبوصلة التي تحدد اتجاه السوق، حيث رأى أن القطاع المصرفي يحتل مركز الصدارة بين القطاعات وبالتالي سيكون الوجهة الأولى للأموال. وطالب السلمي بتحريك آليات التمويل وتعزيز سوق التمويل بشكل اكبر لاسيما في ظل الاتجاه الى تنفيذ مشاريع تنموية كبرى والانضواء تحت لواء المؤشرات العالمية.
السويدي: البنوك تتمتع بمركز مالي قوي ونمو ثابت
قالت نجاة السويدي ان القطاع المصرفي الكويتي يتمتع بمركز مالي قوي بكل المقاييس ويحظى بتوقعات واسعة لتحقيق نمو ثابت في المستقبل القريب على الرغم من التحديات المتنوعة التي يواجهها على أرض الواقع، وأشارت الى أن القطاع تعرض للعديد من الضغوط والتغييرات التنظيمية ومنها الأزمة المالية العالمية، بيد أنها قالت إن الأوضاع عادت إلى مرحلة الاستقرار الشامل في مختلف الأنشطة كنتيجة للعديد من القرارات التنظيمية التي جعلت من البنوك الكويتية من أكثر المصارف المتطورة بالخليج. وتضيف أن الجهود الحثيثة التي يبذلها المركزي حصنت القطاع من تداعيات الأزمات المستقبلية.
الغانم: البنوك المحلية تبلي بلاءً حسناً.. والترقية ستنعشها
يقول الرئيس التنفيذي لبنك «وربة» شاهين الغانم إن الوضع المالي في الكويت مطمئن الى حد كبير وإن القطاع
المصرفي يبلي بلاء حسنا، لاسيما في ظل إجراءات وقرارات البنك المركزي التي يحرص دائما على متابعة ومراقبة القطاع عن كثب، مشيرا الى أنه في السنوات القليلة الماضية شهد القطاع المصرفي نموا في عمليات الائتمان. ويضيف: «الحكومة الكويتية انتهت حيث نفس نهج باقي الحكومات في جميع أنحاء العالم التي بدأت باتخاذ إجراءات مختلفة لتهدئة الأسواق واستعادة الثقة في صناعاتها المالية»، مشيرا الى أن القطاع المصرفي يعد على قائمة أولويات أي حكومة تتطلع إلى تحسين اقتصادياتها وناتجها القومي. ويوضح أن الحكومة الكويتية طرحت حزم التحفيز المالي من أجل رفع مستوى النشاط الاقتصادي وتخفيف أثر أي ركود عالمي محتمل، حيث أجرت الحكومة العديد من الإصلاحات وقامت بتدخلات إما من خلال القوانين واللوائح أو من خلال ممارسات السوق التي تهدف جميعها إلى تعزيز الثقة في القطاع المصرفي الكويتي وإرساء الاستقرار في النظم المالية.
البسام: البنوك مطالبة بتوسع أنشطتها
أكد نائب رئيس مجلس إدارة شركة عربي القابضة حامد البسام على إن السيولة الناتجة عن ترقية البورصة سيتم إيداعها في المصارف الكويتية المحلية وان عملية البيع والشراء ستتم من خلال شيكات صادرة من البنوك ولهذا سيضطر المستثمر الى فتح حساب باسمه داخل البنوك المحلية التي ستستوعب سيولة ضخمة وهو ما سينعكس إيجابيا على أداء وأرباح البنك.
وأشار الى أن تلك القفزة النوعية التي خلقتها عملية ترقية البورصة ستزيد من ثقة الشركات المحلية في البنوك الكويتية التي ستتنافس فيما بينها لتمويل المشاريع التنموية الكبرى التي تحتاج الى مئات الملايين من الدنانير.
تحصين القطاع المصرفي
أشاد صندوق النقد الدولي بدور البنك المركزي في تحصين القطاع المصرفي، حيث أكد أن البنوك المحلية تعمل وفقا لضوابط بازل (3) لرأس المال والسيولة والرفع المالي، وأن «المركزي» يطبق مجموعة شاملة من التدابير التحوطية الكلية للحد من المخاطر النظامية، كما رحب بالعمل الذي يقوم به «المركزي» لمراجعة نطاق سياسته التحوطية الكلية وأدواتها للمحافظة على نمو متوازن للائتمان المصرفي، في إطار ضوابط تستهدف الحد من المخاطر وعدم تراكمها. كما يتمتع القطاع المصرفي الكويتي بمؤشرات قوية، حيث حققت البنوك المحلية معدلات رسملة مرتفعة وصلت إلى نحو 18% في ديسمبر 2018.
7 مميزات للبنوك الكويتية
أكد الخبراء المصرفيون أن البنوك الكويتية تتمتع بالعديد من المميزات التي تجعــل منها قطاعا قويا وقـــادرا على مواجهة أي أزمــــات، حـيث عددوا 7 مميزات يتمتع بها قطاع البنوك، وهي:
1 - ارتفاع مستويات الرسملة ووفرة السيولة وارتفاع الأرباح.
2- التركيز على استراتيجية تنويع المنتجات والخدمات.
3- الانتشار الجغرافي في الأسواق الدولية والإقليمية.
4- توسيع شبكة فروع المصارف التقليدية والإسلامية.
5- الاتجاه الى سوق إدارة الثروات والتفاعل مع شركات عالمية.
6- النجاح في تعزيز نظم رقمنة القطاع المصرفي.
7- تنشيط آلية منح القروض على مستوى الأفراد والشركات.
البنوك الرابح الأكبر في البورصة
اتفق الخبراء الاقتصاديون على أن أسهم قطاع البنوك تقود التداولات في سوق الكويت للأوراق المالية اعتمادا على الأداء الجيد والأرباح المرضية التي حققها مؤخرا، الأمر الذي أعاد الثقة مجددا بين أوساط المستثمرين.
وقالوا إن منوال تداولات القطاع المصرفي جاء من منطلق اعتماد البنوك على الأداء التشغيلي لمعظمها والتي من المتوقع استمرارها خلال العام الحالي، حيث الإنفاق على تمويل المشروعات التنموية ضمن الخطة التي أطلقتها الحكومة.