بدأت الحكومة الكويتية في الاهتمام بالقطاع الصناعي الكويتي، وتفعيل دوره بشكل اكبر خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل المساعي الحكومية للتنويع الاقتصادي الكويتي، وإيجاد مصادر دخل بديلة بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات الكويتية بالميزانية العامة، حيث تعمل الحكومة على تنويع مصادر الدخل من خلال تعزيز دور القطاعات غير النفطية، ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي للكويت.
ومن خلال تصريحات وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الخدمات خالد الروضان، يظهر مدى اهتمام الحكومة الكويتية بتعزيز دور القطاع الصناعي ومساهمته بالناتج المحلي للكويت، حيث يؤكد الروضان في العديد من المناسبات أن تعزيز التنمية الصناعية يشكل ركيزة أساسية ضمن رؤية الكويت الجديدة للعام 2035.
كما يكشف الروضان أن الكويت تستهدف تغييرات ملموسة في هيكل الناتج الصناعي وزيادة معدل نموه الحقيقي ليبلغ أكثر من 8.3% سنويا، بالإضافة إلى زيادة حجم الاستثمار الإجمالي الصناعي ليصل إلى 1.7 مليار دينار بحلول 2020.
وفي السياق ذاته، تأتي التوزيعات الصناعية لتؤكد الرغبة الحكومية في تعزيز قدرات القطاع الصناعي الكويتي، حيث أعلنت الهيئة العامة للصناعة عن توزيع 700 وحدة صناعية جديدة بـ «السالمي» و«الشدادية»، حيث تأتي هذه التوزيعات تحت شعار أطلقته وزارة التجارة يحمل اسم «عهد صناعي جديد».
وعلى الرغم من المساعي الحكومية للاهتمام ودعم القطاع الصناعي، إلا أن صناعيون يؤكدون في حديثهم مع «الأنباء» على أن القطاع الصناعي الكويتي مازال بحاجة للمزيز من القوانين التي تعزز القدرة التنافسية للمصانع والمنتج الكويتي.
القطان: بيئة العمل الصناعية الأفضل بالكويت
الرئيس التنفيذي لشركة الشعيبة الصناعية بدر القطان قال ان أداء القطاع الصناعي خلال النصف الاول من 2019 كان جيدا رغم أنه لم يكن على حسب المتوقع منه، مؤكدا انه على الرغم من الحجم الكبير من مشاريع البنى التحتية التي تم تنفيذها مؤخرا إلا أن قطاع الأسمنت والإنشاءات المرتبط بعمل شركة الشعيبة لم يشهد تطورات تذكر خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن البيئة الصناعية في الكويت تعتبر من أفضل بيئات العمل، ومع ذلك جاء أداؤها متواضعا خلال الفترة الأخيرة، ربما بسبب الأوضاع الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على أسواق المنطقة منذ بداية العام الحالي على الأقل.
ولفت القطان إلى غياب الدور الحكومي في دعم القطاع الصناعي أو غيره من قطاعات الاقتصاد الكويتي، على الرغم من أهمية هذا الدور، مضيفا ان هذا الغياب قد أضيف إلى قائمة العقبات التي تواجهها الشركات الصناعية في الكويت والتي من بينها قضية العمالة والأراضي الصناعية والبيروقراطية.
وتابع قائلا ان من أهم العقبات التي يواجهها القطاع الصناعي في الكويت هو أنه يعامل معاملة القطاع التجاري والاستثماري، وهذا أمر خاطئ، فالقطاع الصناعي هو قطاع إنتاجي وبالتالي فإن حاجته للدعم أكبر من باقي القطاعات، ولا شك أن توحيد رسوم الكهرباء على القطاع الصناعي ومساواته بالقطاع الاستثماري أو التجاري، هو أمر يحد من قدرة هذا القطاع على الانتاج والمنافسة داخليا وخارجيا.
السعدون: القوانين الحالية تضعف قدرة المصانع التنافسية
يقول الخبير الاقتصادي رئيس مجلس إدارة مجموعة الشال الاستثمارية جاسم السعدون: «يجب أن نقر في البداية بأنه لا توجد بالكويت صناعة حقيقية، والسبب في ذلك يعود إلى تدهور تنافسية الاقتصاد الكويتي في ظل العديد من القوانين التي أدت إلى ضعف القدرة التصديرية والتنافسية للمصانع الكويتية، باستثناء بعض الصادرات البترولية التي يتحكم بها عدد من المؤسسات والشركات الحكومية». وأضاف أنه إذا ما أردنا النهوض بالصناعة الكويتية، فإنه يجب على الحكومة العمل على تحقيق إصلاح كلي في مختلف قطاعات الاقتصاد، وعلى رأسها قطاع الصناعة والخدمات، إذ وكما هو واضح أن الإصلاح الاقتصادي الذي سمعنا به كثيرا لم يأت بعد.
وتابع السعدون أن المنتجات الكويتية ما زالت غير قادرة على المنافسة، بسبب ما تعانيه الوزارات والهيئات الحكومية من بيروقراطية وفساد أضعفت من قدرة المصانع على الانتاج والتصدير بالدرجة الاولى، كما أنها أثرت على قدرة الدولة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية للداخل بالدرجة الثانية، بدليل أن كل ما استقطبته الكويت من استثمارات مباشرة خلال العام الماضي لم تتجاوز 100 مليون دينار، وهو رقم ضعيف جدا بطبيعة الحال.
وأشار إلى أن الاقتصاد الكويتي يشهد تدهورا ملحوظا منذ عام 2008 وحتى يومنا هذا، ما يدل بوضوح على أن القضية هي قضية بيئة فاسدة وغير تنافسية، وأنه إذا أردنا الإصلاح فإن علينا البدء بإصلاح البيئة على الأرض، فمن يفكر بالزرع يبدأ بإصلاح الأرض قبل الزرع، فالأرض في الكويت ما زالت فاسدة.
النقي: ضرورة العمل على فتح أسواق جديدة
ذكر الخبير الاقتصادي محمد النقي إن القطاع الصناعي لا يختلف عن باقي القطاعات الاقتصادية في البلاد، حيث يعاني هذا القطاع، حاله في ذلك حال كافة القطاعات الاخرى (التجارية والتعليمية والسياحية والطبية..)، من تبعات الركود الاقتصادي العالمي، حتى ان البعض شبه الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم حاليا بأزمة 1927.
وقال إن الأجواء السياسية الساخنة في منطقة الخليج العربي ليست بجديدة من نوعها، فالمنطقة معتادة على هذا النوع من الأجواء بين الحين والآخر، إلا أن اللافت في الأزمة الحالية والصراع بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران هي أنها تسير من دون أي خطة واضحة، لذا فإن نهايتها غير معروفة بسبب عدم وجود هدف محدد للتجاذبات المستمرة بين الجانبين.
المخلف: المصانع تعيش على مشاريع الحكومة
قال نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة صناعات التبريد صالح المخلف إن القطاع الصناعي عانى كثيرا خلال النصف الأول من 2019 بسبب عدم قيام الدولة بطرح مشاريع جديدة منذ العام 2014، مبينا أن المصانع الكويتية كافة تعيش على مشاريع الحكومة التي تعتبر المحرك الرئيسي للاقتصاد العام في الدولة، خاصة أن هذا الاقتصاد هو اقتصاد أحادي الجانب.
وأضاف انه في حال لم تقم الدولة بطرح مشاريع جديدة خلال السنة الحالية أو السنوات المقبلة، فإن الحركة الاقتصادية ستبقى محدودة جدا، فيما سيبقى النشاط الاقتصادي في أضيق حدوده.
وأشار المخلف إلى أن الأوضاع الجيوسياسية العالمية والمحلية من حولنا، جاءت لتزيد الطين بلة في المنطقة الخليجية بشكل عام، لأن كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى ضعف ثقة المستثمرين من جهة، وتأجيل العديد من القرارات الاستثمارية من جهة أخرى.
كنعان: دخول منتجات خليجية للسوق رفع حدة المنافسة
الرئيس التنفيذي لشركة الخليج للكابلات والصناعات الكهربائية باسل كنعان أشار إلى أن القطاع الصناعي الكويتي عانى كثيرا خلال النصف الاول من 2019 لسبب رئيسي، الا وهو قانون المناقصات رقم 49 لسنة 2019، والذي ساوى المنتج المحلي بالمنتج الخليجي من حيث المعاملة، الأمر الذي أثر على الانتاج الاقتصادي بالكويت.
وأضاف أن هذا الأمر زاد من معاناة السوق الكويتي الذي لم يشهد نموا يذكر في 2019، حاله في ذلك حال الأسواق الخليجية كافة بسبب الظروف الأمنية التي أثرت على حركة النشاط الاقتصادي والعمراني، الأمر الذي دفع الشركات والمصانع الخليجية إلى البحث عن منافذ بيع قريبة، كان على رأسها السوق الكويتي، حيث ساعدهم في ذلك قانون المناقصات الجديد الذي يمكن وصفه بـ «المجحف».
وأكد كنعان أن دخول المنتجات الخليجية وغير الخليجية إلى السوق الكويتي أدى إلى زيادة حدة المنافسة في السوق الكويتي، ومن ثم التأثير على حجم إنتاج المصانع الكويتية، الأمر الذي دفع الشركات الصناعية الكويتية إلى الضغط على الحكومة وعلى مجلس الأمة لتعديل قانون المناقصات بالشكل الذي يحقق العدالة للمنتج الكويتي ويساعده على الصمود في وجه المنافسة الخليجية الحادة.
وأعرب كنعان عن أمله في أن يشهد القطاع الصناعي انتعاشا قريبا على وقع طرح مشاريع حكومية جديدة، مؤكدا أن المشاريع في الكويت يمكن أن تتأخر او تؤجل، لكنها لن تتوقف.
3 أهداف رئيسية
حددت الهيئة العامة للصناعة 3 أهداف رئيسية في 2019 هي:
1 ـ تنفيــذ المدن الصناعية الجديدة.
2 ـ الانتهاء من الاستراتيجية الصناعية.
3 ـ إنشاء أول مجمع تكنولوجي صناعي بالكويت.