- رضا: مخالفات القانون البيئي أثناء التخييم تؤدي لتدمير موائل الكائنات الفطرية وانجراف التربة
- الرويح: قرار إلغاء موسم التخييم في ظل الجائحة صائب للحفاظ على صحة الأفراد والبيئة
- بهزاد: منع التخييم سيقلل من الممارسات التي تؤدي إلى تلوث أو تدهور أو إتلاف البيئة الطبيعية
- من الضروري تجديد الحياة في مناطق التخييم ومنحها فرصة لترتوي من سقوط مياه الأمطار
دارين العلي
هناك شبه إجماع من المتخصصين في الشأن البيئي سواء بالمؤسسات العامة أو الأهلية على ان قرار إلغاء موسم التخييم لهذا العام والذي صدر لأسباب صحية سيؤتي ثماره إيجابا على البيئة البرية بنسبة مرتفعة جدا، فيما يخص ازدهار الغطاء النباتي ومنع انجراف التربة والذي تسببه الممارسات والعادات السيئة المرافقة لعمليات التخييم.
«الأنباء» استطلعت آراء المعنيين والمتخصصين في الشأن البيئي، حيث أكدوا أن تنظيم موسم التخييم كان ومازال مطلبا بيئيا مهما نظرا لما تتعرض له البيئة البرية في هذا الموسم المهم من سقوط الامطار وظهور النبات.
وفي البداية، أكد رئيس قسم رصد التصحر في الهيئة العامة للبيئة د.علي رضا أنه من الصعب تحديد نسبة دقيقة لحجم الغطاء النباتي الذي يمكن ان نراه بعد إلغاء موسم التخييم لهذا العام الا انه من الممكن ان يتحسن بنسبة 70% في المناطق التي تتواجد فيها بذور النباتات في التربة، مبينا أن البيئة الصحراوية في الكويت تعاني من العديد من الممارسات والانشطة التي ادت الى التأثير السلبيي على انتاجيتها وتماسكها ومنها مخيمات الربيع وما يصاحبها من آثار سلبية ادت الى تفتت التربة السطحية وانضغاطها وعدم قدرة مياه الامطار على التخلل في التربة مما ادى لسهولة تطاير الاتربة وزيادة زحف الرمال بمناطق التخييم.
ممارسات سلبية
وشدد رضا على ان طول فترة التخييم الممتدة من 15 نوفمبر حتى 15 ابريل وهو موسم تساقط الامطار وازدهار الصحراء في فصل الربيع أدى إلى تفاقم الآثار السلبية لهذا النشاط، إضافة الى الممارسات السلبية لبعض رواد البر وعدم التزامهم بقانون حماية البيئة 42 لسنة 2014 والمعدل بعض احكامه بالقانون 99 لسنة 2015، ومنها عمل سواتر ترابية وحفر واستخدام المواد الانشائية ورمي المخلفات في غير الاماكن المحددة من قبل البلدية واقتلاع النباتات البرية، بالاضافة الى الحركة العشوائية للمركبات والتي ادت الى تدمير موائل الكائنات الفطرية في مواقع التخييم، آملا تقنين فترة التخييم بحيث يقتصر على فصل الربيع كما كان في السابق، او يكون على شكل «كشتات» تبدأ من الصباح حتى المساء، وتحديد اماكن معينة بدلا من انتشارها من الشمال الى الجنوب.
صحة البيئة
بدورها، اكدت الاستاذة في جامعة الكويت قسم علوم الأرض والبيئة أ.د.فوزية الرويح على ان قرار إلغاء موسم التخييم في ظل هذه الجائحة صائب، حفاظا على صحة البيئة والأفراد، لافتة الى اننا عادة ما نراهن على الوعي البيئي للأفراد وتحمل المسؤولية المجتمعية للحفاظ على البيئة والثروات الطبيعية.
ولفتت الرويح الى أن فترة الربيع تعد من الفترات الحيوية للتربة حيث تكثر الأمطار وينمو الغطاء النباتي وتتماسك التربة وهذا ما نلاحظه في المحميات الطبيعية، مشيرة الى ان ما نراه من ممارسات مجتمعية في فترة التخييم الربيعي يعد تجاوزا على البيئة البرية ومكوناتها من خلال الصيد الجائر للحيوانات والطيور المحلية او المهاجرة وقطف الأزهار واقتلاع الشجيرات والرعي الجائر وبناء المرافق الأسمنتية للمخيمات، مما يساهم في تفكك التربة وتدهورها، بالإضافة إلى ترك المخلفات بأنواعها السائلة والصلبة ومنها البلاستيكية التي تتطلب مئات السنين لكي تتحلل وأثات ومخلفات الطعام مما يشوه جمال الطبيعة ويدمرها، مبينة أن بناء الفرد المثقف بيئيا أهم ما تطمح له الدولة ليكون جزءا من حل المشكلات البيئية.
المناخ الصحراوي
وأشارت الى ان الكويت تتصف بمناخ صحراوي قليل الأمطار، تتعاقب عليه أشهر من الحرارة والجفاف والعواصف الرملية، مما يؤثر على التربة وتدهورها وانجرافها سواء بفعل الرياح الشديدة أو الأمطار الموسمية، وينعكس هذا بدوره على تماسك التربة وخصوبتها وصلاحيتها للزراعة، ويلقى هذا بظلاله على الأمن الغذائي الذي هو هاجس كل الدول، وخاصة في ظل هذه الجائحة التي أثرت على الاقتصاد العالمي وركودة لإغلاق المصانع وتوقف حركة الطيران، وبات لزاما على الكويت أن تعتني وتخطط للأمن الغذائي والمائي بما يتوجب الاهتمام بالبيئة والمحافظ عليها.
وذكرت انه منذ بدء الخليقة والحياة تسير بنظام بيئي دقيق متوازن يعتمد على القانون البيئي الذي ينص على «أن المادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم»، وأن كل ما في البيئة يتحول من شكل إلى آخر من خلال دورة الحياة النباتية والحيوانية، وهكذا تستمر الحياة وتزدهر وتتعافى، ولكن مع التطور الصناعي والتكنولوجي والنمو السكاني، ازداد استهلاك الموارد الطبيعية وزدادت المخلفات البشرية بجميع أنواعها وبمعدل أسرع من قدرة الطبيعة على استعادة تكوين ثرواتها لأنها تتم عبر ملايين السنين وتعد البيئة الصحراوية إحدى الأنظمة البيئة التي تتعرض للاجهاد نظرا للحرارة الشديدة وقلة الأمطار وازدياد عمليات البخر من التربة والنتح من الغطاء النباتي الضئيل.
اقتراحات بيئية
من جانبها، قالت امين عام الجمعية الكويتية لحماية البيئة جنان بهزاد إن الجمعية سبق ان اقترحت نمطا استثنائيا لموسم التخييم هذا العام باعتماد تطبيق مفهوم «الكشتة»، وهي النزهة البرية أو البحرية والمتعارف عليها بأنها قصيرة المدة مقارنة بالتخييم وهي بسيطة ويمكن لأي جماعة الاتفاق عليها مسبقا ومن ثم الذهاب لها في النهار حتى نهاية اليوم، وهي مناسبة لكل من لديه رغبة في التنزه والاستمتاع بالبيئة ليوم واحد فقط.
وأكدت بهزاد أنه لتقليل وتقنين التخييم سواء بالكشتة أو بتقليص فترة التخييم لشهر واحد او منعه فوائد كبيرة على تهيئة الظروف المناسبة للبيئة البرية لاستعادة عافيتها واعادة تأهيلها وزيادة فرصة انتقال وانتشار البذور وتخزينها في الارض للمواسم المقبلة مما يعيد التوازن للكائنات الحية التي تعيش في المنطقة اذا استمرت الحياة الفطرية بدورتها الطبيعية، لافتة الى ان منع التخييم سيقلل من الممارسات التي تؤدي إلى تلوث أو تدهور أو إتلاف البيئة الطبيعية أو بأي من مكوناتها أو الإضرار بالحياة الفطرية البرية أو المساس بقيمتها الجمالية أو الايكولوجية.
ولفتت الى ان البيئة الصحراوية تعاني قسوة العوامل الجوية وتغيرات المناخ وشدة وطأة الطقس بالاضافة الى الكثير من التعديات التي طالت مواردها الطبيعية والحية، وأن متوسط تصحر الأراضي سنويا في الكويت يقدر بنحو 285 كيلو مترا مربعا حسب الدراسات المنشورة، فضلا عن ان البيئة البرية في الكويت تشهد ظاهرة التصحر والمتمثلة بتدهور الاراضي وفقدانها القدرة الانتاجية والكساء الخضري وانخفاض خصوبة التربة وتملحها وتصلبها وزيادة معدلات انجرافها، موضحة ان مياه الأمطار وهي المصدر الوحيد للمياه التي تغذي الصحراء تكون بكميات قليلة لا تتجاوز 150 ملليمترا كمعدل سنوي لتساقط الامطار في الكويت لذا من الضروري تجديد الحياة في مناطق التخييم وترك فرصة لها لترتوي من مياه الأمطار.
وشددت على أن فترة التخييم فى موسم الربيع تعد من الاستخدامات البشرية التى تؤثر سلبا على البيئة الصحراوية حيث تؤدي الى تكسير الطبقة السطحية الحصوية الواقية وانجراف ما تحتها من رواسب دقيقة بفعل الرياح والممارسات الخاطئة، وتساهم مع الظروف الطبيعية للتربة وخصائصها وتكوينها فى عدم تهيئة الظروف المناسبة لاستعادة عافيتها واعادة تأهيلها مما يسبب تفكك التربة وسهولة انجرافها وظهور طبقات الجتش في بعض المناطق.