- عبدالرحمن السميط أيقونة العمل الإنساني عالمياً
إعداد: شافعي سلامة
«يتجدد اللقاء على صفحة السماء، على الدروب الصعبة في الأماكن غير المتوقعة، حين التقيت ذاتي التائهة لأول مرة كانت في الهند، في أول رحلة تطوعية قمت بها، لم أتوقف بعدها عن رحلة البحث عن الذات وتجديد الالتقاء بها.
لم أجد ذاتي إلا في البقع الفقيرة، تلك التي تضم المعوزين والفقراء واللاجئين والأقليات».
بهذه الكلمات لخصت مؤسس فريق إنسان التطوعي الزميلة الكاتبة أروى الوقيان فلسفتها في الترحال والعمل التطوعي.
كان بحث أروى الوقيان عن ذاتها هذه المرة في قلب القارة السمراء عبر رحلة شائقة ثرية بالمشاهدات والتفاصيل التي وثقتها في كتابها الجديد «السمراء التي أحببت» في إشارة إلى القارة الغنية الفقيرة ذات المتناقضات.
تطلب التخطيط للرحلة تنسيقا مع جمعية العون المباشر والاجتماع مع مسؤولي مشاريع الجمعية في بنين وتنزانيا وكذلك مع مسؤولين في الصندوق الكويتي للتنمية للتباحث حول تغطية مشاريعهم في جيبوتي، بعد ذلك تم التخطيط للرحلة لتكون من 14 حتى 26 نوفمبر 2016.
بنين
في الفصل الأول من الكتاب، الذي يأتي في 190 صفحة من القطع الصغير، تحكي الوقيان تفاصيل زيارتها إلى بنين التي لم تكن سمعت عنها أساسا، كما تقول، حيث وصلتها ظهرا ولم تكد ترتاح حتى كان على جدولها زيارة «فينيسيا السوداء» حيث التنقل فقط عن طريق المركب والمشي داخلها يتطلب ارتداء «البوت المطاطي» لأن المياه تصل إلى منتصف الساق.
في هذه القرية شاهدت من يشبه «العمدة» وهو الملك الذي يحترمه الجميع، ولامست السعادة اللامتناهية التي يشعر بها الأطفال عندما يتلقون هدايا غاية في البساطة، ليتعمق لديها الانطباع بأن «من لا يملك شيئا يسعده اي شيء» لكنها في كل مرة تستغرب هذه الفرحة العارمة، كما تجسد أمامها حب الكويت في هذه الأنحاء البعيدة.
بعد ذلك كانت على موعد مع زيارة لمركز الأمل التعليمي في محافظة بوبي البنينية حيث قابلها جميع الطلبة والأساتذة بأعلام الكويت، امتنانا للتبرعات الكويتية التي وصلت إلى أقاصي الكون ممتدة للقارة السمراء.
في اليوم الثالث كانت الوجهة قرية هوندودجي في محافظة اطلنتيك ببنين حيث توافد أهل القرية عند الشاطئ لاستقبال الزائرين القادمين في قارب صغير الحجم وكان سبب الزيارة فضلا عن توزيع المساعدات العينية افتتاح مشغل خياطة للنساء.
في هذه القرية اعتنق عدد من الأشخاص الإسلام حين علموا أن جمعية العون المباشر تقوم بمشاريع إنسانية في أراضيها، تساءلوا «ما هذا الدين الذي يجعل أناسا من أقاصي الكون يقصدوننا لعمل مشاريع إنسانية؟».
كانت زيارة آخر أيام الرحلة في بنين إلى مركز الصفوة الذي يقدم خدمات صحية وتعليمية من الابتدائية حتى الثانوية حيث يدرس بمدارسه 500 طالبة ويخدم المستشفى نحو 50 ألف شخص، وفي الكتاب تحكي الوقيان عن مسألة الخصوصية التي بدا لها أنها الوحيدة التي كانت تفكر فيها بهذه الزيارة وكذلك مشكلتها مع الطعام الأفريقي.
يبدأ الفصل الثاني من الكتاب بحكاية رحلة العذاب من بنين إلى دار السلام حيث المحطة التالية من الرحلة في تنزانيا.
بعد رحلة لمدة 14 ساعة في «باص جوي» وصلت الوقيان إلى دار السلام في مشوار تصفه بالأسوأ لها في أفريقيا، وكانت البداية هناك بزيارة منطقة موروجورو والمدرسة التي أنشأتها العون المباشر هناك للفتيات عام 1999 ولولاها لما استطاعت الفتيات هناك أن يتعلمن اي شيء.
في تنزانيا يعتبر مرض الملاريا قاتلا شرسا للأطفال وهناك تجتمع السياحة مع الفقر في مشهد شديد التناقض.
اليوم الثاني في تنزانيا كان للراحة وكتابة بعض التقارير بعد مشاق اليوم الأول في رحلة «المغاوير» كما وصفها السفير جاسم الناجم عندما التقته الكاتبة.
في اليوم الثالث كانت البداية بزيارة مركز الفاروق وبعدها مباشرة كان الموعد مع التوجه إلى زنجبار في رحلة جوية ممتعة من يسبق إليها يصبح له حق الجلوس بجانب الطيار!بعد معلومات ماتعة عن دولة زنجبار التابعة لتنزانيا تتحدث أروى الوقيان عن جولتها الاستكشافية هناك بين الأزقة وزيارة ستون تاون حيث متحف العجائب ومتحف القصر الذي يحمل قصة الملكة الشهيرة سلمى التي وقعت في حب رجل ألماني.
كان د. عبدالرحمن السميط أيقونة العمل الإنساني عالميا، هذا ما تقوله أروى الوقيان التي لم تلتق به مطلقا ولكنها التقته عشرات المرات من خلال أعماله التي تتجلى آثارها في القارة السمراء.
تتحدث في نهاية الفصل الثالث عن جهود هذا الرجل الأيقونة الذي تسلق جبل كلمنجارو في سبيل الدعوة إلى الله وجاب أفريقيا من شرقها إلى غربها وسخر نفسه لقضية وأخلص لها حتى صار مثلا أعلى لجميع من يعمل في العمل الإنساني.
في الفصل الرابع كان اللقاء مع جيبوتي حيث الفقر الصارخ، بعد استقلال طائرتين ومساومات في فندق بدا بالموقع الالكتروني كأنه جنة ليتضح في الواقع أنه مقلب كبير، كانت البداية مع لقاء م. خالد أنيس المدير التنفيذي لشركة محمد عبدالمحسن الخرافي وأولاده في جيبوتي، وهو ما تغيرت الأمور بعده كثيرا لجهة الانتقال إلى غرفة أفضل بالفندق والاتفاق على تفاصيل الرحلة.
كانت الزيارة المخططة لقرية مؤمنة وهي مشروع لهيئة الرحمة العالمية حيث وجدوا الناس يسكنون في عشش من كرتون وبقايا خشب وبعض الأقمشة، وشاهدوا العمل في الطريق الذي تساهم الكويت ببنائه وطالعنا العمل الجبار في ظروف مناخية صعبة.
تتحدث الوقيان أيضا عن مشاهداتها لجيوش أجنبية من جنسيات مختلفة في جيبوتي، وعن الكسل الأفريقي المقدس وكذلك عن ثقافة تعاطي المخدرات في أفريقيا وخصوصا القات في جيبوتي.
في الجزء الأخير من الكتاب توثق أروى الوقيان مجموعة من التقارير الإخبارية عن الزيارة ومجرياتها والأماكن التي تمت زيارتها.