لا شك أن المصارحة والوقفة مع الذات هي الطريق الأمثل للتحرر من سيطرة ما في أعماقنا من رواسب متكلسة أرهقت الفكر والوجدان وارتعش لها الخاطر لتلتحم مع المكاشفة الصادقة مع النفس.
نحن في الحقيقة كثيرا ما نكتب ونهندس الكتابة ونذوقها بورود أغصان الشوك ولكن لماذا نحن نكتب وعن أي شيء نقول لا ندري بالتحديد؟ ما هو الهدف من ذلك؟ ولكن الظروف تتطلب منا أن نستمر في الكتابة المهم لنا محطة نستريح بها بعد كل عناء رحلة كتابة مرهقة ومضنية ومتعبة.
حقيقة لابد أن تقال إن كثيرا ما يساورنا القلق والإرهاق ونحن نسطر كلمات ندلو بها دلونا في أعماق الذات التي نتقاذفها مجموعة متراقصة من الحروف المرة التي تصدم بأمواج الحياة السوداء التي قد تكون مفزعة من أثر خدوش وجروح خلفها زمن أغبر قد ولى بما حمله من أرتال الآلام.
كلمات متقاطعة ومعان متشابكة تخرج من بين أصابعنا ومعان متشابكة تخرج من بين أصابعنا وتسري من واحة فكرنا بعد أن نتعرض لقصف غارات مدافع أقلامنا المتواضعة والضعيفة التي تتحمل أجسامنا النحيلة آلامها الفظيعة، لذلك عندما نريد أن نكتب بعيدا عن القهر الذي يقصف ظهور أصحاب الأقلام الشريفة فتنفتح الجروح الغائرة ويبدأ القلم ينزف بدل الحبر دما فتجدنا نلعق جراحنا ونبتلع أمواسنا التي تقطع أوصال ما بداخلنا دون أن ندري لماذا..؟
وفي النهاية نطوى آلامنا لأن كل وجع له ألم وكل ألم تخرج من نوافذه أكوام من الحزن وعلى أية حال لابد لنا في آخر المطاف أن نستسلم لواقعنا وأن نرضى بما يخططه القدر لنا من خيوط الزمن سواء كانت قوية أو عنكبوتية المهم نضطر أن نسكب العسل الحلو لنلعقه مرا أو نرجع لفلسفة الذات مرة أخرى لنتذوقها علقما ثم ندنو من سراجنا شيئا فشيئا قبل أن ينفد زيت فكرنا، لعلنا نكتشف أن لنا ذاتا متحركة تضوي في أعماق أعماقنا نورا فلسفيا حضاريا نحن بأشد الحاجة إليه.