اظلمت الدنيا، وغابت شمسها، وملأ السواد أرجاء الأرض من حولي، فتجمدت الدموع في مقلتي والسبب تلك الفتاة التي حجرت على أبيها، فكيف يكون ألم وحزن هذا الاب وكم تكون المرارة التي تجرعها؟ وكيف هي مشاعره تجاه هذه الابنة بعد هذا العمل المشين وهو لايزال بعنفوان عقله؟
ان هذا الاب وهو يقترب من الصفحات الأخيرة من مجلد أيام حياته، جاءت هذه الابنة العاقة بدلا من أن تأخذ بيده وتقبلها خطفت الهواء من داخل رئتيه وحبست انفاسه، واغلقت أبواب الود والحنان من أمامه بفتحها جرحا طوال حياته، ان هذه الابنة تجاهر بصلابة قلبها، لتدوس على ابيها بقسوة الزمن لتدمره أمام الناس والمجتمع.
هل فكرت هذه الابنة الجاحدة كيف غمرت الفرحة هذا الأب عند ولادتها؟ وكيف كان يحسب الساعات والايام والسنين في عمل مضن وشاق حتى يوفر لها كل شيء، لتنال بعدها الشهادة الجامعية ثم العمل اللائق بها، بالله عليكم هل يستحق هذا الاب المسكين كل هذا الجهود، فمن اين اتيت بكل هذا ايتها الابنة الجاحدة؟
وكيف تغتالين هذه الابوة الشريفة وتدوسينها بقطار الطمع والجشع؟ رفقا بأبيك ايتها التعيسة، فمهما امتلكت من ثروة، ومهما امتلكت من خيرات الدنيا حلالا أو حراما، فلن تساوي دمعة ألم واحدة يتجرع بها والدك كؤوس العذاب يوما بعد يوم، فكيف بالله عليك تتجردين من المشاعر الانسانية، تجاه هذا الاب الطيب الخلوق الذي اعطاك ولم ينتظر منك العطاء؟ ولماذا كل هذا الغدر الانساني بهذا الصدر الحنون؟ ولماذا تجيء الاوجاع منك خناجر مسددة الى قلبه الرقيق؟ رفقا به يا فتاة فلا تقتليه بسكاكينك المسمومة اكثر من ذلك، فقلب المسكين ينزف الما وحسرة.
ايتها الابنة الجاحدة، لا تزيدين جراح والدك جروحا أخرى، فيكفيه عذاب ظلمك، فلاشك انني كأب أحس بمأساة والدك، وكم تألمت كثيرا عندما سألت الغريب والبعيد عن هذا الاب المسكين قبل أن أخط سطرا واحدا فأكدوا لي أن والدك انسان كريم خلوق يملأ الدنيا نشاطا وحيوية وذو عقلية راجحة، اذن لماذا يا ظالمة تريدين اهانته وجرح كرامته امام من يسوى ومن لا يسوى؟ الآن عليك يا ظالمة إنقاذ والدك مما هو فيه وتوبي الى الله وانقذي نفسك من عذاب جهنم التي ستكوي جسدك كله اذا بقيت على فعلتك الشنيعة.
اطلبي الصفح والغفران من الله سبحانه وتعالي والتسامح من والدك حتى يرضى عنك لان رضا الله من رضا الوالدين.. الآن وأخيرا اظنك يا جاحدة ستلبين نداء الواجب والضمير وتخرجين من المستنقع الشيطاني الذي وقعت فيه حتى تشرق شمس الحرية على والدك من جديد ويعود رافعا رأسه عاليا أمام الناس مرة اخرى ليعيش بقية حياته معكم في سعادة دائمة.