حصنوا أنفسكم ضد الخلافات، بالعقود الشرعية والقانونية، الوافية الجامعة المانعة للثغرات - بقدر الإمكان - في عقود الزواج والحضانة والأوقاف والوصايا والوكالة والتولية والهبات والقروض، وفي معاملات المقاولة والإيجارات والعمالة والديون ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا كان أو كبيرا، وأوفوا بالعقود.
إن عدم الوفاء بالعقود من شأنه إثارة الفتن والأحقاد والخلافات وقطع للأرحام، وضياع الحقوق والتفريط بالمسؤوليات والواجبات والسبب الرئيسي للفتنة التي ألمّت بالمسلمين وتشتتهم فرقاً متحاربة، وتكالب الأمم عليهم عندما تراخوا عن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في التمسك بالثقلين «كتاب الله، وعترة أهل بيته»، وكذلك في نقض صلح الإمام الحسن عليه السلام.
وهي كذلك من أسباب عدم استكمال الحسين عليه السلام مشروع الإمامة، عندما نكث أهل الكوفة لعقودهم وعدم الوفاء بوعودهم عندما أرسلوا للحسين عليه السلام يستنصرونه كاتبين له: «فإن الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، فأقدم على جند لك مجندة، فالعجل العجل، ثم العجل العجل».
فبعث الحسين عليه السلام ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الوضع عن كثب.
وكاد يتحقق الهدف، لولا الغدر والخيانة والنفاق والخوف من تهديدات والي الكوفة، وبذلك تفرّقت الناس عن مسلم إلى أن صار وحيدا فريدا بعد أن حاول أن ينهض بأولئك الذين نكثوا البيعة وخانوا العهد، وقد عبر مسلم عن المرارة التي كان يعتصرها قلبه بقوله: «اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا وكذبونا»، فقتل وألقي من علو، ثم جر جثمانه الطاهر في الأسواق!
[email protected]