لابد أن نستذكر التلاحم الشعبي خلال الاحتلال العراقي والذي كان أساس المقاومة الشعبية الصلبة التي تصدت للاحتلال وهزمت الغزاة، وكان هذا التلاحم الشعبي القوي هو الأساس في مكافحة الغزاة وطرد المحتلين، إن المحتلين لم يجدوا بين الكويتيين من يتعاون معهم، فقد رفض كل فئات الشعب الكويتي أي إملاءات من قبل المحتل، بل وقف جميع أهل الكويت بصلابة رافضين كل محاولات الغزاة لتكريس احتلالهم، وكان أن قال الرئيس الفرنسي ميتران للأمير الراحل حينما التقى به في باريس خلال جولته في الدول الصديقة لشرح القضية الكويتية: يا شيخ جابر أنت يجب أن ترفع رأسك مفاخرا بالمواطنين المتواجدين داخل الكويت الذين رفضوا أن يتعاونوا مع مخططات صدام لاستكمال سيطرته على الكويت، بينما وجد هتلر من يتعاون معه من الفرنسيين عندما دخل فرنسا غازيا.
لقد رفض الكويتيون أن يتعاونوا مع المحتل وتمسكوا بالشرعية الكويتية المتمثلة بأمير البلاد خلال تلك الفترة، وهذا ما دعا الشيخ جابر الأحمد ـ رحمه الله بواسع رحمته ـ إلى أن يقف في مجلس الأمن ليدافع عن الشرعية الكويتية ويطالب بطرد الغزاة، وكذلك قام الشيخ جابر بزيارة عدة دول لشرح القضية الكويتية.
لا شك أنها ذكرى تاريخية ومجيدة في تاريخ الكويت، وإنني أفتخر أن كنت أحد المرابطين الذين ساهموا في مقاومة المحتل ورفضوا كل محاولات الغزاة لتكريس احتلالهم، فقد تعاون الجميع للتصدي ومقاومة الاحتلال، وتوزعنا كل حسب قدرته في توفير احتياجاتنا، رافضين أي تعاون مع المحتل، فلقد اعتمدنا على أنفسنا دون أي طلب معونة من المحتل، وفي الحقيقة فإن جيش المحتل دخل الكويت وهم جائعون كان أفراده يطلبون من الأهالي أن يقدموا لهم الطعام والمياه، كان جيش المحتل لا يحمل أي شيء ليوفر ما يحتاجه لأفراد جيشه، وكانت هناك مقاومة شعبية يقوم بها بعض الشباب المتحمس وكان أن ألقوا القبض عليهم، ورحلوهم إلى السجون العراقية، وكذلك لم يتأخر المرابطون عن إرسال وفود شعبية للقاء المعتقلين الكويتيين في السجون العراقية، وحملت هذه الوفود الطعام والشراب والملابس وكل ما يحتاجونه.
وهناك من كان يتابع أخبار الاحتلال وتحركات الوفود الكويتية التي قامت بزيارة عدد من الدول الصديقة التي ساعدت في تحرير الكويت فيما بعد، وكنا نتابع أخبار إذاعات دول الخليج العربي ومصر وسورية ولبنان التي كانت تعليقاتها السياسية تصب في الدفاع عن القضية الكويتية، كما تابعنا خطابات رؤساء الدول الشقيقة وفي مقدمتها الرئيس حسني مبارك رحمه الله والذي كان دائما يدافع عن الشرعية الكويتية، وكذلك الرئيس السوري حافظ الأسد وملك المغرب الحسن الثاني والرئيس اللبناني، وكذلك كانت هناك خطابات سياسية للملك فهد بن عبدالعزيز الذي دافع عن الحق الكويتي وسمح بدخول القوات الدولية التي حشدت لتحرير الكويت، فقد عبرت هذه القوات من أرض السعودية، وما زلت أذكر خطاب رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد آل نهيان الذي توجه فيه إلى صدام يذكره بمواقف الكويت ومساندتها للعراق خلال السنوات السابقة، وكان للسلطان قابوس سلطان عمان أيضا خطاب دافع به عن الشرعية الكويتية.
تحية لكل من ساهم في تحرير الكويت وتحية لروح الأمير الأسبق الشيخ جابر الأحمد الذي قاد المقاومة والتحركات السياسية لشرح القضية الكويتية، وتحية للمرابطين الذين قاوموا الاحتلال بكل بسالة ولمواقف الدول الشقيقة والصديقة، والحمد لله عادت الكويت لتمارس دورها في المجتمع الدولي، بينما تراجع العراق وها هو يهيمن على سلطته إيران التي تحاول منعه من الالتحاق بالنسيج العربي، لا شك بأن وضعنا أحسن وأفضل من الوضع العراقي.
من أقوال سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد حفظه الله: «الأحداث تستوجب الاتحاد والتكامل لا التباعد، والتجمع لا الانفراد، والتكاتف لا الانعزال».
والله الموفق.