يبدو أن الأمور والعلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة لم تحقق التوافق والتفاهم الذي دعا إليه صاحب السمو الأمير في خطابه الذي ألقاه سمو ولي العهد، وكان سموه قد استهل صدور أمره الأميري بحل المجلس السابق، وأكد سموه ضرورة احترام الدستور والذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، كما وجّه سموه إلى ضرورة توخي الصدق والأمانة أثناء قيامكم بمهمتكم الأساسية كنواب الشعب.
كذلك أشار سموه إلى ضرورة الاختيار الصحيح، موجهاً الشعب لأن يركزوا في اختيارهم على من يمثل الشعب في مجلس الأمة وعدم اتباع الأساليب التي تتناقض مع النهج الديموقراطي الذي يعتمد على الاختيار الطائفي والقبلي، وحذر سموه أيضا من الاختيار غير الصحيح لمن يمثلكم والذي سيضر بمصلحة الوطن والمواطنين وسيعود بنا إلى المربع الأول وإلى جو التعصب والتناحر وعدم التعاون وتغليب المصالح الشخصية على حساب الوطن، حيث يسعى البعض إلى طرح المطالب الشعبوية التي تضر باقتصاد البلاد.
ونبه سموه كذلك إلى ضرورة أن يضع الشعب في اعتباره مصلحة الوطن والمواطنين في عملية انتخاب أعضاء مجلس الأمة وحذر سموه من أنه في حالة عدم الالتزام بالاختيار الصحيح والعودة إلى ما كان عليه الوضع السابق، فإن لنا إجراءاتنا قد تكون ثقيلة الواقع والحدث.
هذا من ما جاء في خطاب صاحب السمو الأمير عندما أصدر المرسوم الأميري بحل المجلس السابق لعدم التعاون والتفاهم بين مجلسي الأمة والحكومة، وكان من المفروض أن يسود التعاون بين المجلس والحكومة إلا أن ما نشاهده من تناحر وجدال لا يحقق أي إنجاز على المستوى الوطني، وكان ذلك واضحاً من تذمر سمو رئيس الوزراء الذي أشار إلى أن أعضاء المجلس قدموا ألف سؤال واستجواب دون أن يقدموا أي مشاريع تنموية، ومن ضمن هذه الاستجوابات هناك إعادة لاستجوابات طرحت في المجلس السابق وتسببت بعدم التفاهم والتعاون بين المجلس والحكومة، من هذه الاستجوابات المكررة من المجلس السابق مسألة العفو العام عن كل الذين تجاوزوا قوانين البلاد، ثم إن هناك أحكاما صدرت فيها من القضاء العام ولا يجوز تجاوزها، لأن هذا الأمر قد يلجأ إليه في المستقبل آخرون وفي قضايا جديدة، وبالتالي يؤدي ذلك إلى الفوضى وعدم احترام أحكام القضاء.
والمسألة الثانية التي يحاول البعض طرحها هي قضية إسقاط القروض، فهذه القضية لا تحقق العدالة والمساواة بين المواطنين وربما يلجأ إليها من يريد إسقاط قروض جديدة وهذه تضر باقتصاد البلاد، ولابد أن يعي أعضاء مجلس الأمة أن مثل هذه الاستجوابات غير القانونية قد تضر بمصلحة الوطن.
كما أن صاحب السمو الأمير قد تحدث صراحة إلى الشعب لأن يستغلوا هذه الفرصة لتصحيح الأوضاع، وكذلك نبه إلى عدم العودة إلى الأجواء غير الصحيحة وعدم التعاون بين المجلس والحكومة الذي قد يؤدي إلى حل المجلس. ومما يؤسف له اليوم أن تعود تلك الأجواء التي سادت المرحلة السابقة والتي تسببت بعدم التفاهم والتعاون بين المجلس والحكومة مرة أخرى.
والآن جاء دور الحكومة لأن تتشدد في مواقفها تجاه تلك الاستجوابات التي تضر بمصلحة الوطن، وعدم السماح لبعض النواب بالتدخل في تعيينات وبرامج وزارات ومؤسسات الدولة، حيث إن واجبات ودور مجلس الأمة مراقبة العمل الحكومي والعمل على تصحيح الأوضاع الخاطئة وعدم السماح بتجاوز قوانين الدولة، لكن إذا ما جاء تدخل النواب في شؤون مؤسسات الدولة فإن هذا يحملها مسؤولية أي إجراءات خاطئة في تلك المؤسسات.
من أقوال صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه:
«احرصوا على أن تكون ممارسات قاعة عبدالله السالم ومداولاتها مدرسة لأبنائنا وأجيالنا القادمة وأن تكون قدوة صالحة تجسد الإيمان بالنهج الديموقراطي وجدواه».
والله الموفق.