لا يختلف اثنان في مخاطر المخدرات وما تفعله في الإنسان. والتبعات السيئة التي تنتج عنها هي ولا شك آثار بعيدة المدى وتدمر المجتمع وتنخر فيه بشكل يسهم بتدميره على وتيرة بطيئة.
فالمخدرات في الكويت وراء 65% من الجرائم التي تحصل فيها، وسجلت مباحث المخدرات 508 قضايا خلال الربع الأول من العام 2022 وتلك النسبة تشكل رقما خطيرا جدا مقارنة بنسبة الجرائم الأخرى وهي تتجاوز النصف بكثير وبالتالي فهو رقم يستوجب الوقوف عنده لدى جميع الأطراف من الدولة ومؤسساتها والمجتمع بالدرجة الأولى.
تستوجب أن يساهم جميع الأطراف لمحاربة هذه الآفة وعلى جميع الأصعدة.
وعلى رأس تلك الأطراف الأسرة التي هي اللبنة الأساسية والأولية في تنشئة الفرد وتلعب دورا كبيرا في انحراف الفرد نحو المخدرات من عدمه، فإذا كانت الأسرة تعاني من التفكك بكل أشكاله يكون أبناؤها عرضة للانجرار إلى مهالك المخدرات، كما يلعب الأصدقاء وخصوصا السيئين منهم دورا مهما آخر من أدوار الانسياق وراء إدمان المخدرات من أبواب ومداخل عدة مثل الرجولة والتجريب والهروب من المشكلات، كما دور المدرسة التي يقضي فيها الفرد أكبر وقت ويتعلم فيها الحياة الاجتماعية الواسعة، وأي خلل في هذه المؤسسات قد يؤدي حتما إلى انحراف أفراد المجتمع وانصياعهم إلى الإدمان على المخدرات.
كل تلك المعطيات تفرض على الدولة بذل المزيد من الجهود في سبيل محاربة هذه الآفة من مهدها ومحاصرتها في كل مكان.
والتركيز على المدرسة والأسرة في تلك الجهود، والأهم من ذلك كله تغليظ العقوبة على جميع أطراف ومتداولي المخدرات.
وذلك بالنظر لما تشكله تلك الآفة من تبعات غير محدودة ومشاكل غير مسبوقة وتصرفات لم يشهدها المجتمع الكويتي على مدى التاريخ. فعادة إدمان المخدرات مشكلة عابرة للقارات ولا تقف عند حد معين إذا ما أدركنا أن حجم تلك التجارة المهلكة للدول والمجتمعات في العالم أجمع يصل إلى المليارات من الدولارات ومصدر مهم من مصادر تجارة الموت لأمرائها من المروجين الذي يقفون على عروشها ويرعون نماءها ووصولها إلى طالبيها في العالم أجمع.
من هنا ومن هذا المنطلق نؤكد وجوب رؤية العديد من الإجراءات والقوانين المتعلقة بمحاربة تجارة المخدرات بشتى الطرق والوسائل المتاحة للدولة، فحياة الفرد فيها له قيمة كبيرة فإن صلح مساره صلح مسار الدولة والمجتمع بأكمله وإن فسد فسد معه كل شيء.
والله الموفق.
[email protected]