كلما دخلت مكتب زميلي الوافد لعمل ما أو لشرب فنجان قهوة معه وتبادل الحديث ألاحظ مظروف رسالة على مكتبه ودائما بين يديه يلمسه كل 5 دقائق وينقله من مكان لآخر في مكتبه.
احترمت خصوصيته ولم أسأله ما هي قصة هذه الرسالة التي لا يمل من قراءتها ولا يلقي بها إلى مكان آخر بعد قراءتها كما يفعل الجميع. لكن خلال إحدى المرات زاد الفضول عندي إلى حد كبير وخرج مني سؤال عن المظروف، فأطرق برأسه قليلا إلى أسفل ثم ناولني المظروف، وقال افتحه فتحته وقرأته فقط رسالة من زوجته تخبره عن حالها وعن حال الأولاد وأن أمورهم طيبة وكل شيء تمام.
أرجعته له وقلت طيب هذا الأمر طيب ومفروض يسعدك أرجع لي الرسالة وقال: انظر في الزاوية تحت إلى اليمين ركزت قليلا وشاهدت خربشة خط طفل صغير كلمات بالكاد تقرأها تقول «بابا أنا أحبك».
قال لي هذه الجملة كانت مثل السكين الذي غرس في ثنايا قلبي وبسببها لا أستطيع ترك تلك الرسالة تفارق يدي، أحس أنني إذا غابت تلك الجملة عن ناظري كأنني سأفارقهم مرة أخرى.
سبب طرق هذه الحكاية في مقالتي هو انزعاجي من النفس العدائي وغير المبرر الذي بدأ ينتشر بشكل قبيح في «تويتر» مؤخرا ضد إخواننا وضيوفنا الوافدين.
هؤلاء ناس شرفاء كرماء تغربوا عن ديارهم وتركوا أهلهم وأحباءهم بحثا عن لقمة العيش الكريمة ولم يأتوننا محاربين أو غزاة أو من غير دعوة.
بل كل وافد في الكويت قام بالتوقيع على السماح له بالدخول للكويت على الأقل 20 موظفا وجهة رسمية، وهو هنا لسبب وجيه وحاجة ماسة له في إحدى جهات الحكومة والقطاع الخاص، وصدق بالله
متى توفر البديل المناسب والذي يملأ مكانه هو بنفسه سيشد رحاله لبلده وأهله.
نحن بلد صغير وبحاجة لكل الأصدقاء سواء العرب أو غير العرب، والحملات العنصرية المقيتة التي يثيرها البعض غير أنها ليست إنسانية فهي تؤثر على علاقات بلدنا مع بلدان هؤلاء الوافدين.
وإذا استمرت هذه الحملات البغيضة سيأتي يوم لا نجد فيه أصدقاء لنا ونتحول إلى أمة معزولة سيتنكر لها الجميع في أول أزمة مصيرية تحل بها.
نعم الحوادث الفردية السيئة موجودة لدي بعض الوافدين وهي موجودة لدي الكويتيين أيضا لذلك يجب عدم التعميم وإطلاق تلك الصفات على شعوب ودول بأكملها.
٭ نقطة أخيرة: الدنيا دين وديان.. وهذه الأيام نداولها بين الناس.. فاعتبروا.
ghunaimalzu3by@