هل الصحة كما علمونا قديماً أنها «تاج على رؤوس الأصحاء ولا يراه إلا المرضى»، أم أن الصحة أكبر من ذلك التاج مهما كانت قيمته أو قيمة الأحجار الثمينة التي ترصعه وهو ما لا يمكن تقديره؟
ولماذا نهدر قيمة تلك الثروة بسلوكيات ضارة بل ومميتة أحيانا مثل التدخين والغذاء غير الصحي والسمنة وزيادة الوزن والخمول البدني، وهي أمور يراها الجميع ولا تقتصر رؤيتها فقط على المرضى؟
وكيف يمكن قياس مستوى الصحة؟ هل هي قياس ملموس أو محسوس أو قياس معنوي؟ وهل توجد لدينا مقاييس حساسة وعلمية عن الصحة ومدى التمتع بها، أم أننا نكتفي فقط بأن عدم الذهاب للطبيب وعدم تعاطي الأدوية يعني التمتع بالصحة وجودة الحياة بالرغم من أن كبار العلماء في مراكز البحوث ومعاهد الصحة ما زالوا يعقدون المؤتمرات وحلقات النقاش للوصول إلى مفهوم جودة الحياة والتمتع بالصحة عند الحديث عن الصحة كمحرك رئيسي للتنمية الشاملة ومدخل للسعادة بعيدا قليلا عن رؤية التاج على رؤوس الأصحاء من جانب المرضى؟
كلها ما زالت أسئلة تحتاج إلى إجابات ممن يتحدثون عن الخطط والبرامج الصحية، بينما في الواقع يتحدثون فقط عن عدم الإصابة بالأمراض فقط وليس عن الصحة بمفهومها الشامل الذي يتجاوز الخلو من الأمراض.
ويجب أن يكون واضحا في السعادة والابتسامة الدائمة ونشر الأمن والأمان وليس فقط التوقف عن تعاطي الأدوية لأمراض نشأت بسبب سلوكيات غير صحية يعرفها الجميع وتحتاج إلى منظور جديد لمواجهتها بعد تقييم معدلات انتشارها وعوامل الخطورة من خلال مسوحات صحية استباقية وليس فقط دراسة إحصائيات الأمراض التي لا تعبر عن مستويات الصحة وجودة الحياة التي نتطلع إلى تحقيقها ضمن مسيرة الأهداف العالمية للتنمية المستدامة التي التزم قادة العالم بالعمل على تحقيقها منذ قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في سبتمبر 2015 وقد كان الهدف الثالث يتعلق بالصحة.
فمازال الطريق طويلا وتحمل الألم والتصميم والإرادة القوية هو ما نحتاج اليه للتصدي للتحديات التي يعرفها الجميع وهي عوامل الخطورة ما قبل حدوث المرض أو ظهوره وترتبط بسلوكيات الأشخاص ويمكن التصدي لها عندما نكون قادرين على الرؤية والتمييز.
وأين المتخصصون في السلوكيات من وضع وتقييم برامج التوعية الصحية والتصدي للأمراض المرتبطة بالسلوكيات؟ وأين تخصصات العلوم السلوكية من برامج التدريب والتعليم المستمر وبرامج المسوحات الصحية المجتمعية وبرامج الإعلام الصحي المبنية على المعرفة والأدلة العلمية والتي بلا شك تزداد الحاجة لها يوما بعد يوم بسبب ارتفاع معدلات السلوكيات الضارة بالصحة مثل الخمول البدني والتدخين والتغذية غير الصحية وما تؤدي إليه من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسرطان والسكري والأمراض التنفسية؟
أم أننا ننتظر رؤية التاج المرصع بالأحجار الكريمة واللامعة على رؤوس الأصحاء ونتصور معها في لقطات تذكارية قبل التحرك والالتزام.