يطرح هذا السؤال نفسه عند القراءة السريعة للبيان الختامي لإعلان جدة الصادر عن المؤتمر الأخير، بحضور قادة دول المنطقة ورئيس الولايات المتحدة الأميركية، والذي استضافته الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية.
إن بيان جدة الذي يترجم أعمال المؤتمر والرؤية المستقبلية للأمن والتعاون بين الدول المشاركة وخصوصا في الأمن والتنمية وهي عناوين رئيسية تقع الصحة بمفهومها الشامل في قلبها سواء من حيث الدعوة إلى خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل أو ضخ الموارد في مشروعات التنمية أو تقديم الدعم للمشاريع الصحية في القدس أو الدعوة بقوة وإصرار والتزام إلى حل الصراعات عن طريق الحوار ونبذ العنف.
وهي في كل كلمة تترجم العلاقة الوثيقة بين الصحة والتنمية ويدركها من يعرف المعنى والمغزى الحقيقي لكل كلمة منها، ويبقى الآن ألا تكتفي الدول المشاركة بإعلان جدة، فما أكثر الإعلانات السياسية ولكن يجب تحويل هذا الإعلان إلى برامج عمل واضحة الأهداف والغايات ضمن أهداف تنموية لمصلحة الشعوب التي تابعت بأمل المؤتمر وتنتظر مردوده على حياتها ومؤشرات التنمية بها.
وإن كانت الدول التي حضرت المؤتمر أقل من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية أو منظمة التضامن الإسلامي، فإن المؤتمر يعقد في السياق ذاته الذي يلتقي حوله الجميع وهو السعي للسلام ونبذ العنف والصراعات، وهي جذور الإرهاب، وتمثل التحديات التي أجمع القادة في كلماتهم أنها تحيط باللقاء، ومن بينها لمن لم يدرك بعد التحديات المتعلقة بالحياة والصحة والتنمية، والتي أعتقد أنها لن تغيب عن البرامج القادمة التي سيتم إعدادها وتنفيذها بالتزام عالي المستوى من القادة الذين أدركوا حجم التحديات والتقت إرادتهم على تلبية دعوة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، والمشاركة في هذا الحدث التاريخي الذي يترجم الإصرار على مجابهة التحديات في تلك الظروف الدقيقة في منطقة يعرف الجميع أهميتها على خريطة العالم والتنمية المستدامة بأبعادها وعناصرها المختلفة والمتداخلة.
وتبقى الصحة حاضرة بقوة في جوهر إعلان جدة بالرغم مما يبدو عكس ذلك من خلال القراءة السريعة للنصوص المجردة، إن البعد التنموي في لقاء وإعلان جدة يترجم التزام الدول المشاركة بالقيام بدورها التنموي ومجابهة التحديات وأبرزها تحديات تمس الحياة والصحة والسلام.
وإن شعوب الدول المشاركة ومن بينها الكويت تنتظر ما ستظهره الأيام القادمة من جهود وبرامج مخلصة لمجابهة التحديات التي لا خلاف عليها ومن بينها التحديات المتعلقة بالصحة.
وبغض النظر عن التحليلات المتعلقة بالمؤتمر من النواحي السياسية، فإن البعد التنموي يبقى هو الأكثر تأثيرا في الشعوب وهو ما يجب ألا نهمله في أي تحليل من ناحية المضمون وليس من ناحية البحث عن حروف وكلمات بعينها وسط بيان جدة وكلمات الزعماء المشاركين بالمؤتمر التاريخي الذي يضع دول المنطقة أمام مسؤولياتها التاريخية.