يرحل عنا العديد من الناس كل يوم ويكون من بينهم عزيز لدينا ومن بينهم من يعني لنا الكثير نفقدهم ونفتقدهم، فالموت حق علينا جميعا وكلنا راحلون ولكن لا يمكن أن نوقف شعورنا بالحزن لفقدهم وفراقهم.
تمضي حياتنا بحلوها ومرها ونعيش على هذه الأرض مؤقتا ونعلم أننا لن نبقى فيها للأبد وكل ما نواجهه هو اختبار لنا فالفراق اختبار لنا على قوة الصبر والإيمان بقدر الله فيجب ألا نجعل حياتنا كلها أحزانا، لأن الحزن يؤثر على القلب والجسم والصحة.
قضت الباحثة والطبيبة النفسية «إليزابيث كوبلر-روس» حياتها كلها تدرس وتكتب عن الموت وما قبله وما بعده واستخلصت من دراساتها نموذجا يسمى «نموذج كوبلر روس» أو «مراحل الحزن الخمس» والتي سردتها بصحبة الطبيب النفسي «ديفيد كيسلر».
إننا نمر بمراحل مختلفة من الحزن، أولاها عدم تصديق الخبر وكأنه حلم ونريد أن نصحو منه ونفكر كيف نستطيع الحياة من دون من فقدناه، وثانيتها الغضب، فقد نغضب على من فقدناه أنه لم يكن يهتم لنفسه وصحته ونغضب من عجزنا عن إنقاذه أو مساعدته أو أننا لم نجلس معه الوقت الكافي قبل وفاته.
ثم تبدأ مرحلة المساومة وهي أن تحاول معاهدة نفسك على التطوع مثلا لمساعدة الفقراء أو الصلاة في مواعيدها إن لم تكن تصلي بانتظام حتى انك تحاول إرضاء من فقدته في قبره، وتتجلى هذه المرحلة بإيماننا بأننا سنرى أحباءنا في الجنة.
ولكن هذه المراحل لا تكون بهذا الترتيب فقد تقفز من مرحلة لأخرى وليس بالتدرج وبعد ذلك تبدأ مرحلة الاكتئاب وهو استجابة طبيعية للخسارة الفادحة لفقد عزيز فالبعض ينسحب من الحياة وتنعدم رغبته في النهوض من السرير والقيام بأبسط المهام اليومية وبعد ذلك تكون مرحلة التقبل أي تقبل الرحيل الأبدي والتفاهم معها ولن نعثر على بديل ولن يملأ مكان من فقدناه أحد وهذه الحقيقة لن تعجبنا ولكننا يجب أن نتقبلها لنتعافى ونتأقلم مع الحياة الجديدة بفقدان من كان عزيزا علينا.
وعندما نحزن لفقدان عزيز لدينا لا بد أن نخفف الحزن، فالإيمان بقضاء الله وقدره قد يخفف علينا الحزن وكذلك لتأثيراته على الصحة فيجب أن نحافظ على صحتنا لنستطيع المضي في حياتنا مع أحبائنا الذين لم يفارقونا فالحياة مؤقتة ولن تدوم لأحد، فالبكاء هو أحد الطرق لإطلاق المشاعر وتخفيف الحزن وكذلك الكتابة قد تفيد البعض في التعبير عن أحاسيسهم ويمكن تصميم ألبوم للمتوفى يحتوي على صور من حياته وأصدقائه وكل ما يحب فعله وقوله ولكن إن اشتد الحزن فلا بد من التواصل مع أحد الأطباء النفسيين للمساعدة على تجاوز هذا الحدث. قال تعالى: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) سورة الرحمن: 26 و27.
وقال تعالى: (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) سورة الأنبياء: 35. فالموت هو نهاية الحياة الدنيا وبداية الحياة الآخرة وكلنا سنموت ولكن من يعمل بما يرضي الله قبل موته سيكون من الفائزين في آخرته. وندعو الله أن يحسن خاتمتنا جميعا.