عشرات السنين والمصريون العاملون في الخارج يحولون أموالهم إلى مصر، ويشكلون رافداً مهماً يمد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة، دون كلل أو ملل، وعندما أرادت مصر أن تحقق مطلباً واحداً من مطالبهم «تكرّم» المسؤولون بإصدار قانون يسمح بإعفاء سيارة لكل مقيم في الخارج أو مزدوج الجنسية بشرط أن يضع وديعة بالعملة الأجنبية تعادل قيمة جمرك السيارة، دون فوائد لمدة 5 سنوات، يسترد قيمتها بالجنيه المصري طبقاً لسعر الصرف المحلي في ذات يوم استحقاق الاسترداد.
وأخيراً شعر المصريون في الخارج بأن وطنهم «يشكرهم»، ولكن.. ولأننا في مصر المحروسة، كان لا بد للبيروقراطية أن تضع لمساتها (تاتش مدام عفاف الدور الرابع)، وتشكلت لجنة مشتركة ضمت ممثلي وزارتي المالية والهجرة والبنك المركزي.. ونواباً من مجلس النواب واتفقوا على مذكرة من 8 صفحات تضمنت فلسفة القانون وأحكامه ورأي اللجنة الموقرة التي ضمت «كل» رموز مصلحة الجمارك وعدة مساعدين للوزراء، وتم إقرار القانون وأصدر رئيس الوزراء قراراً بالقواعد المنفذة لأحكام القانون.
وهنا تكون «الإرادة» السياسية قد أوفت بوعدها للمصريين بالخارج، ولكن «الإدارة» البيروقراطية كان لها رأي آخر، وطبعاً ودون أي مخالفة للتوجيهات والتعليمات والأوامر.. وأيضاً اللوائح والقواعد والأعراف البيروقراطية العريقة.. و«العميقة»!!
فكيف كان ذلك؟.. وما حجم «النجاح» الذي تحقق فعلياً بعد مرور شهر على صدور اللائحة التنفيذية.. ولماذا؟
تم وضع شرط فتح حساب بنكي في الخارج قبل 3 أشهر من التقدم بطلب الاستيراد.. وأن يتوافر مبلغ «الوديعة» في هذا الحساب، هناك دول لا تسمح لغير رعاياها بفتح حساب بنكي، وإذا كان الحساب موجوداً كم من العاملين بالخارج يحتفظ بحد أدنى 12 ألف دولار في حسابه؟! وهو متوسط قيمة الوديعة التي يشترط القانون وجوده في الحساب قبل 3 أشهر من التحويل؟!
ولم يراع شرط أن «يتم التحويل كاملاً خلال 4 أشهر من تاريخ العمل بقرار مجلس الوزراء (مارس 2023) أن سوق السيارات العالمي به «أزمة»، ويتم في دول الخليج «حجز» السيارات الجديدة مع مدة تسليم لا تقل عن 6 أشهر، وتصل إلى سنة لأغلب الطرازات التي تتوافق مع سعة المحرك 1.4 لتر أو 1.6 لتر.
أضف إلى ذلك «التفرقة» غير الدستورية بين المصري المقيم في دول الاتحاد الأوروبي (زيرو جمارك)، وبين شقيقه المصري المقيم في بقية دول العالم عند الحصول على ذات نفس السيارة من ذات نفس المصنع؟!
وهكذا تتعامل «الإدارة» البيروقراطية مع «الإرادة» السياسية!
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
https://linktr.ee/hossamfathy