كان مؤتمر جدة الذي عقد في 14 أكتوبر 1990 إبان الغزو العراقي الغاشم على بلادي الكويت بمنزلة «البيعة الثانية» من الشعب لأسرة الحكم لإدارة شؤون الدولة بعد «البيعة الأولى» قبل أكثر من 300 سنة لصباح الأول، بعد اقتراح الرئيس الفرنسي السابق ميتران بدعوة الشعب الكويتي للاستفتاء أمام الرأي العام الدولي بشأن تجديد وتأكيد الثقة بعودة استمرار أسرة الصباح لحكم الكويت أمام مزاعم المقبور صدام حسين بعكس ذلك، في مؤتمر شعبي توج بتأكيد جميع أطياف الشعب الكويتي لشرعية أسرة الصباح التي لا يختلف اثنان بالكويت منذ التأسيس وإلى اليوم على حبها من دون إجبار أو تزييف أو تكلف وعلى قربها من الشعب بأفراحه وأحزانه وأيضا في مطالبه واهتماماته وهي نعمة كبيرة نحمد الله عليها.
بالمقابل كانت هناك فئة لم تستطع المشاركة في ذلك الاستفتاء ولكنها كانت كل يوم وكل ساعة وكل لحظة تبايع الشرعية لأسرة الحكم ولاستقلال البلد عن العدو الغاشم في عصيانها المدني وفي استمرارها بالحياة والصمود والعيش داخل الوطن، وتحمل المخاطر وصعوبة المعيشة، كل (صامد) داخل الكويت إبان الاحتلال هو من المقاومة، هو من أبطال التحرير، وهو من زرع الأمل في نفس الوطن والخوف فينفس العدو الذي أرهقه جسديا ونفسيا، والصامدون هم أحد أهم أسباب تعاطف دول التحالف لتحرير الكويت، لا ينسى كل صامد عندما اجتمع الشعب الكويتي ليلا (في سطح كل بيت) للتكبير بالله أكبر كل ليلة مع اقتراب يوم التحرير، ولا ننسى كل فرد من أفراد الأسرة خسرناه بـ (الأسر) أو الاستشهاد، (الصامدون) الذين لم ينسهم التحرير دروس الغزو، ويمر عليهم شهر أغسطس في كل عام ليذكرهم بتلك الأيام، ونتذكر وقت الحظر الكلي للتجول، ومنع مرور أي سيارة ما لم تحمل أرقام لوحات عراقية، حيث لم يكن يوجد في حينها سوى سيارة واحدة تم تغيير لوحاتها بالإجبار كون أن جارنا كان يعمل في شركة نفطية، وكيف كان يوصل كل محتاج من الجيران للذهاب إلى زيارة احد أقاربه من كبار السن لتلبية احتياجاتها، واستغلال للمساحات المهجورة لحرق المخلفات اليومية لعدم وجود عمال النظافة آنذاك، أيام لا نتذكرها فقط في شهر أغسطس بل في صباح كل يوم جديد، نحمد الله فيه على نعمة التحرير، ولا يعي تماما ما أقول وما أشعر به إلا من كان صامدا بالكويت في تلك الأيام التي لا نتمنى أن تعود.
[email protected]