جبل أهل الكويت على الحرية منذ أن كانت، وجاء بعد ذلك مجلس الأمة ليكرس هذه الحرية، فلا غنى لنا عن الديموقراطية وحرية الرأي، ولكن ليست الديموقراطية العرجاء وإنما المستقيمة التي تصب في مصلحة الوطن، والكويت في هذه الفترة بأمس الحاجة إلى الهدوء والأمن والأمان والاستقرار في ظل ظروف بالغة السوء، فالعالم حولنا كله مشتعل، والحروب في كل مكان، فعلينا اليقظة والحذر وأن نرمي بخلافاتنا وراء ظهورنا ونكون نسيجا واحدا، مثل أسنان المشط.
كما أننا لا نريد أن تكون الكويت مسرحا للنزاعات وتصفية الحسابات، وقد حل مجلس الأمة أو أنه في طريقه للحل، وفرح كثير من الناس بهذا الحل وظن البعض أن الحل جاء نتيجة لاعتصام نواب مجلس الأمة المحترمين والحقيقة أن اعتصام النواب عامل ضمن عدة عوامل أدت إلى الحل، فالجو العام يوحي بالحل منذ شهور، والأمور تسير عكس التيار.
لذلك فإن حل مجلس الأمة جاء بسبب وصول العمل البرلماني والحكومي إلى حالة يرثى لها، حتى وصل الإنجاز إلى الصفر، وتعطلت المشاريع، وواهم من ظن عكس ذلك، وأساسا فقد تأخر الحل، فقد كنا نتوقع الحل قبل هذا الوقت، إلا أنه قدر الله وما شاء فعل، وجاء الحل بعد منح القيادة السياسية وقتا إضافيا للجميع، وقد أتيحت الفرصة للتسامح والتصالح والتفاهم والحوار البناء ولكن الأمور لم تتغير، وكلما مر الوقت على السلطتين زاد الطين بلة، فأصبح الحل أمرا حتميا.
ومن قرأ ما بين السطور في خطاب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله، علم تمام العلم أن الحل لم يأت إلا بعد أن بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين، من هنا أتساءل بيني وبين نفسي: ماذا لو عادت الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحل وهو أمر مرجح؟ وما الذي سيحدث في هذه الحالة؟
والإجابة عن هذا السؤال لا تحتمل مقولة «لكل حادث حديث» فالصورة باتت واضحة وبلا رتوش والخطاب أوضح، إن العودة إلى المشاحنات والتناحر وتعطيل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية سيكون ثمنه باهظا، وكلفته عالية، وستتخذ حينه قرارات ثقيلة، فمصلحة البلد فوق كل اعتبار، ومع ذلك فإني أعلم كل العلم بإذن الله تعالى أن أبناء الوطن يحبون الكويت ويقدرون ويحترمون القيادة السياسية كل التقدير، وسيقدمون مصلحة الكويت على كل مصلحة، وسيلتزمون بما طالبهم به سمو ولي العهد وستسير الأمور وفق ما يجب، ومن شذ إنما يشذ على نفسه.
نحن نريد مجلس الأمة ولا نفرط به ونريد أيضا حكومة قوية منجزة ولكن نرجو ونأمل أن يكون هناك تعاون بين السلطتين لعل مجلس الأمة المقبل يكون أفضل المجالس في تاريخ الكويت، وتكون الحكومة أيضا أفضل الحكومات ونحن متفائلون بالخير لعل وعسى أن نجده، كي نكون جماعة واحدة نحن وقيادتنا ونسير بوطننا إلى بر الأمان.
فاللهم احفظ الكويت وأهلها من كل سوء، ودمتم سالمين.