إنه الخُلق الذي نبحث عنه في كل مكان لعلنا نجده هنا أو هناك، علما بأن حسن الخلق والاحترام المتبادل بين الناس حث عليه ديننا الحنيف، لأنه طريق ممهد سالك، يعيش به الناس في أمن وأمان، فالأخلاق مرتبطة بالعقيدة ارتباطا وثيقا، فلا عقيدة بلا خلق ولا خلق بلا عقيدة، وبعض الناس لا يعجبه الحديث في هذا الجانب، لأن حصيلته من حسن الخلق خاوية.
وعلى العكس من ذلك، فلا ترى إنسانا خلوقا إلا وكان محبوبا من الناس، يقبل بالحوار الهادئ وإن كان الحديث لا يصب في صالحه، الإنسان الخلوق تجده صادقا أمينا حييَّا على العكس من سيئ الخلق، وليت الخلق الحسن لم يخرج وبقي معنا فنحن في أمسّ الحاجة له، والأخلاق ليست لها سوق تباع فيه وإنما أصلها التربية والنشأة، وليس ثمة شيء أفضل من حسن الخلق في هذه الدنيا:
وإذا أصيب الناس في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
نعم، لقد خرج حسن الخلق ولم يعد، وأصبح أثرا بعد عين كما يظهر لنا إلا من رحم ربي، أين كنا وكيف أصبحنا؟! لقد كنا نتباهى ونتفاخر ونتسابق على حسن الأخلاق بل ونثني كل الثناء على من تحلى بها وجعلها وشاحا له، واليوم نتباهى بسوء الخلق، قد تكون الصراحة مؤلمة لكنها الحقيقة المجردة.
لقد ولت الأخلاق وأدبرت وأصبحت غريبة، وإذا ذهبت الأخلاق ذهب الحياء وذهب نور الإيمان من الوجه، وقد ارتكبت جرائم فظيعة بسبب سوء الخلق، بكافة أنواعها، انظروا حولكم، مجتمع كويتي مسالم صغير ترتكب فيه جرائم تدمي القلب، كيف يكون ذلك؟ إن كل ما نراه من جرائم قتل أساسها سوء التربية، كنا في الماضي لا نسمع بجرائم القتل إلا نادرا، واليوم حدّث ولا حرج، إن موت الضمير وانعدام الأخلاق وتعاطي هذه الحبوب المخدرة التي لا أعرف من أين تأتي إلينا، وكيف تدخل الكويت، هي السبب في ذلك.
تصوروا أنني أذهب إلى السوق وأعود إلى بيتي وكأنني نجوت من مهلكة، فأحمد الله حمدا كثيرا على عودتي سالما بسبب السرعة الفائقة للسيارات في الشارع وكأن الشارع ملك لهم، وقد سألت أحد الأصحاب فقال لي: الحذر الحذر أن شبابا كثر يتعاطون مادة الشبو التي تظهر لهم الصعب سهلا، وتمنحهم شجاعة كبيرة، فيقودون سياراتهم دون مبالاة بمن في الشارع، صور نراها في الشارع وكأننا في معركة حامية الوطيس.
ومن المؤسف أننا نجد بعض الناس يتباهون ويتفاخرون بسوء الخلق والخطأ في حق الغير، هذه البضاعة الخربة التي حذرنا منها الله تعالى ونهانا عنها نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، ولا مانع عندهم من أن يعرف الناس حماقتهم ورعونتهم مسخت وجوههم من الحياء حتى أصبحوا عالة على المجتمع، نحاول قدر الإمكان تفاديهم آذوا الناس بشرورهم، وسوء أخلاقهم وحملوا أنفسهم ذنوبا لا يحملها البعير، ليس ذلك فحسب وإنما يعتبرون ما يفعلونه نصرا مبينا وإنجازا لا مثيل له هكذا تهيئ لهم أنفسهم المريضة ولا شك أنهم سيقعون في شر أعمالهم وسيأتيهم ما لم يكن في حسبانهم، وسيرون ما لا يسرهم، فسوء الخلق لا يأتي بخير، ومن ظلم ظُلم ومن بدأ بالشر دارت عليه الدوائر ولو بعد حين، ولقد خرج حسن الخلق ولم يعد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدري المقتول في أي شيء قتل».
نسأل الله تعالى الأمن والأمان.