تقف الكويت شامخة بأبنائها المخلصين، كيف لا تكون كذلك وهي جوهرة الخليج، وستظل جوهرة لا تقدر بثمن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بإذنه تعالى، (هنا الكويت) هذه العبارة كنا ومازلنا متعلقين بها منذ طفولتنا عندما نستمع إليها نشعر بكياننا ووجودنا، فهي الأرض والفرض، هذه العبارة كانت ومازالت تدغدغ مشاعرنا وتزيدنا حبا لوطننا، نشعر من خلالها بالأمن والأمان، ودعوني أعد بكم إلى الوراء سنين طويلة، إلى الزمن الجميل، وأذكر لكم قائلها، ذاك الصوت المتميز الذي يشعرك بانتمائك إلى الكويت، حين تستمع إليه.
فرحم الله أول من قال «هنا الكويت»، إنه ابن من أبناء هذه الأرض البررة، قضى عمره كله في خدمة وطنه بجد وإخلاص، إنه الإعلامي الكبير مبارك عبدالرحمن الميال، علم من أعلام الكويت، لقد أطلق هذه الجملة الشهيرة بصوته الرائع عند الساعة السابعة مساء 12 مايو 1951م في السنة الأولى من حكم الشيخ عبدالله السالم، قالها في إحدى غرف الأمن في قصر نايف، الموجود حتى اليوم، ثم تعود الناس عليها، وصرنا نسمعها كثيرا، وانطلقت بعد ذلك إذاعة الكويت انطلاقة موفقة، وصعدت السلم درجة درجة فحصدت النجاح تلو الآخر، حتى أصبحت من أشهر الإذاعات العربية على الإطلاق بجهود أبناء الكويت، وعملهم الدؤوب.
وقد عملت في الإذاعة طويلا وقدمت عشرات البرامج والمسلسلات وعاصرتها في أوج قمتها وتفوقها في مراحل عدة منذ كان وكيلها الأستاذ الأديب عبدالعزيز محمد جعفر، رحمه الله، ثم الدكتور عبدالعزيز المنصور ثم سعد عبدالعزيز جعفر ثم خالد العنزي ويوسف مصطفى وفهد المبارك، وكلهم عمل بجد وإخلاص ومهنية، وفتح المجال لأبناء الكويت ليبدعوا، وكلهم اسهم في تميزها، ثم جاء الجيل الثاني ممن عاصرتهم في العمل الإذاعي مثل سامي العنزي وبدر الأستاذ وأحمد اليعقوب، وساروا على درب من سبقهم، ولم يقصروا في واجبهم، وواصلت الإذاعة ريادتها، وخرج من خرج وبقي من بقي، والإذاعة قائمة على أساس متين.
وقد عاصرت خلال عملي أيضا الكثير من الإعلاميين المتميزين، ومن هؤلاء ثلاثة من أبناء الإذاعة، عرفتهم عن كثب وعملت معهم فتوسمت فيهم الخير للوهلة الأولى قبل أن يتولوا أي منصب، وكنت أجلس معهم وأحدثهم ويحدثونني وهم الدكتور يوسف السريع والأستاذ سعد الفندي والدكتور عبدالرحمن الظفيري، فصدق حدسي وما خاب ظني فيهم، فلم تمض سنوات حتى أصبح يوسف السريع وكيلا للإذاعة، وأصبح سعد الفندي مديرا للبرنامج العام وصار الظفيري مديرا لإذاعة القرآن الكريم، فلم يتغيروا عن الخلق الذي جبلوا عليه، فتحوا أبوابهم للجميع ولم يتقوقعوا على أنفسهم بل أنجزوا، وتذكرت مثلا قديما ينطبق عليهم يقول: ما يتقدم القوم إلا خيارها، وهم يستحقون ما وصلوا إليه فقد تدرجوا في وظائفهم واجتهدوا وتميزوا بالأخلاق العالية فوصلوا إلى ما وصلوا إليه بكفاحهم.
وكنا ومازلنا نقول إننا نحتاج إلى الإعلامي المثقف الواعي كي يكون مسؤولا، وهؤلاء على درجة عالية من الثقافة والوعي، لذلك وجدنا البرامج التي يشرفون عليها ونتابعها بين الفينة والأخرى كلها ذات فائدة، وتستقطب الناس، وإذاعة الكويت كانت ومازالت مسموعة ومتابعة ليس في الكويت فحسب وإنما في كل مكان، رغم انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ذلك لم يؤثر على مستمعيها فهي ناجحة بكل المقاييس، وكي تستقطب المستمع إليك عليك بطرح ما يهمه ويشغله وهذا ما تفعله الإذاعة في كل محطاتها، وفق الله الجميع لخدمة الكويت.