في الماضي كانت الإشارة المرورية بـ 3 ألوان، الخضراء للمرور والصفراء للاستعداد والحمراء للتوقف الجبري، والحياة أشبه ما تكون بهذه الإشارة الضوئية لأن هناك أمورا تجبرك على التوقف، وهناك أمورا تجعلك تستعد للانطلاق، وهناك أمورا تسير بها آمنا مطمئنا، وهكذا تسير بنا الحياة إلى النهاية، والهون أبرك ما يكون، وكل معضلة تحل بالحكمة والروية، ولو نظرنا إلى الحياة بمنظار العقل لوجدنا أن بها من الدروس والعبر الشيء الكثير بحلوها ومرها، وللأسف هناك من لم يستفد من تجارب الحياة الكثيرة، أو بمعنى أصح لا يريد أن يستفيد، وهناك أيضا من استفاد منها، ونحن كشعب بحاجة إلى الهدوء والأمن والاستقرار كي نعمل وننجز بعيدا عن الشعارات الزائفة، والأصوات العالية والضحك على الذقون، كل ذلك لا يساهم بالنهضة والتنمية وإنما يعطلها، ويعود بنا إلى الخلف، وقد علم الناس أنها لا تغني ولا تسمن من جوع، فقد أصبحت كل هذه الطرق الملتوية مكشوفة ولا تنطلي على أحد، ولا يصح إلا الصحيح، ولو بعد حين.
ثم ان هناك قانونا يحفظ لنا حقوقنا ويبين لنا واجبنا كمواطنين، لذلك علينا جميعا السير وفق ما نص عليه والالتزام به، فلا نتجاوزه مثل من يتجاوز الإشارة الحمراء متعمدا، ونأخذ من القانون والدستور ما يروق لنا، وفي هذا الوقت بالذات نحن أحوج ما نكون إلى الترابط والتلاحم في ظل ظروف استثنائية وأخطار محدقة، وقد مرت البلاد قبل فترة بفوضى طال مداها وذقنا مرارتها ولا نريد لها أن تتكرر بأي حال من الأحوال، لأنها تسببت في تفرقنا، والتفرق بحد ذاته يجرنا إلى ما تحمد عقباه، فيد الله مع الجماعة، والأمور تدار بالحكمة، ولنجعل من خطاب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد - حفظه الله - الأخير منهاجا لنا نتدبره ونسير على نهجه، حتى لا نخرج من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية.. وولاة أمورنا شديدو الحرص على مصلحة البلاد والعباد.
ولم لا نستفيد من أخطاء غيرنا حتى لا نقع فيها ونتبنى النهج المعتدل ولا نسير خلف الوهم والسراب؟
من هنا أقول إننا مقبلون على انتخابات جديدة لها ما بعدها، وكذلك حكومة جديدة، فلنحسن الاختيار ونصوت للقوي الأمين ونضع نصب أعيننا مصلحة الكويت ونرمي ما سوى ذلك خلف ظهورنا، فالكويت باقية ونحن راحلون، وهي المقياس الحقيقي والمعيار الأول لاختيارنا، وإياي وإياك من الانجراف الطائفي والقبلي والحزبي، فهو طريق الهلكة والتشرذم، وبعد خطاب سمو ولي العهد لا عذر لأحد فقد أعطى الفرصة للجميع وحذر تحذيرا واضحا من الفوضى، فأحسنوا الاختيار فالله عز وجل يقول: (إن خير من استأجرت القوي الأمين)، ولا نريد أن نكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تصوروا أننا لم نعد نتذكر أسماء الوزراء وأعضاء مجلس الأمة السابقين من كثرة تغيير الوزارة وحل مجلس الأمة، أفلم يأن لهذا الوطن أن يستريح وألا يحمل فوق طاقته، وأن تسير بنا الحياة بهدوء نحو مستقبل أفضل، والحذر كل الحذر من تجاوز الإشارة الحمراء فتكلفة ذلك لن تكون بسيطة.
نسأل الله الأمن والأمان والاستقرار وأن نرى حكومة قوية ومجلس أمة قويا وتعود الكويت إلى سابق عهدها بإذن الله، ودمتم سالمين.