القانون هو القانون يطبق على الجميع بلا استثناء، وعلى الجميع احترامه لأنه وضع لمصلحة الوطن والمواطن، والكويت بلد الديموقراطية والحرية منذ رأى النور دستور البلاد ومنذ قامت هذه الدولة وسميت الكويت، ومن المشين حقا أن تكون ديموقراطيتنا ناقصة، ولا أريد أن أقول شوهاء احتراما لأدب الطرح، تشوبها القبلية والمذهبية والحزبية، فنحن كشعب محب لوطنه لا نقبل ذلك على الإطلاق، فهذه الأمور التي يتساهلها البعض خطيرة جدا وتشكل طعنة في قلب الوطن.
وقد فرحنا وأثلج صدورنا تطبيق القانون على الجميع، خاصة ما يتعلق بالفرعيات والقبليات، فنحن في دولة يحكمها دستور ونظام ارتضينا به، ولسنا في قبيلة تحكمنا النعرات القبيلة، هذه النعرات المكروهة التي حاربها ديننا الحنيف الإسلام ونهى عنها أشد النهي، وفي ذلك يقول المولى عز وجل: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير -الحجرات:13)، كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على نفس السياق: «لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى» رواه أحمد.
إن الفرعيات والتشاوريات وجهان لعملة واحدة، وإن تحرك وزارة الداخلية في محاربة هذه الظاهرة لجدير بالاحترام والتقدير، فهل المرشح إذا نجح عن هذا الطريق يمثل وطنه أم قبيلته؟ فإن كان يمثل قبيلته فعلى الدنيا السلام، ولا يخفى على كل عاقل أن هذه الفرعيات البغيضة تلاعب بإرادة الشعب، وتحايل على القانون وعودة إلى الجاهلية الأولى، ومخالفة صارخة لمبادئ الإسلام، كما أنها انتهاك للقانون وتحد كبير لوحدتنا الوطنية وتماسكنا كشعب واحد، وبالفعل لم تعد محاربتها حبرا على ورق بل أصبحت فعلا وقولا، وواقعا ملموسا وإنجازا يحسب لوزارة الداخلية، فهناك أناس يحتاجون إلى العين الحمراء بالقانون.
وقد وجدنا كمتابعين ارتياحا شعبيا لهذه الإجراءات وثناء وإطراء من المواطنين كبارا وصغارا، فهذه الإجراءات تصب في مصلحة الوطن، وقد حاول هؤلاء الناس جاهدين الالتفاف على القانون بجعل هذا الفرعيات عبر الواتساب، أو تسميتها دعوة عشاء وغير ذلك، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل ووئدت في مهدها لأنها مرصودة ومراقبة، ولا بد أن نوعي المواطنين بأضرار هذا المنحنى، فكل من يشارك أو يؤيد هذه الفرعيات لا يؤمن بدولة القانون والمؤسسات ولا يعترف بالدستور ولا يريد لوطنه خيرا، وفيها تكريس للانتماء القبلي والطائفي على حساب الانتماء الوطني، وهو بحد ذاته خطر جسيم على المجتمع الكويتي وترابط أفراده وقتل للوطنية وقيم المواطنة، فالنائب لا يمثل قبيلة وإنما يمثل شعبا بأكمله، فكفاكم تباهيا بالقبيلة وتباهوا بوطنكم الذي علمكم ووظفكم وبنى لكم بيوتا وتكفل بكم من المهد إلى اللحد، وإن كان لك حق فعليك واجب، وما قيمة المرء بلا وطن، نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، ودمتم سالمين.