الكويت ملك الجميع وليست حكراً على أحد، وهي لا تقبل القسمة ولا الجمع ولا الطرح، فالكويت هي الكويت أمّ الجميع، أما نحن فكلنا كويتيون همومنا واحدة وآمالنا واحدة وآلامنا واحدة، فنحن بلا استثناء أبناء لهذا الوطن، ولا ينبغي لنا إلا أن نكون كذلك، وعندما تعصف بنا رياح الأزمات وتحدق بنا الأخطار والمحن ننسى هذه الخلافات التي صدعت رؤوسنا ليل نهار، ونقف صفا واحدا في وجه كل من يريد ضررا بنا وبوطننا.
ومع ذلك، فنحن كقول القائل «كل يغني على ليلاه» نسير عكس ما يريده منا الوطن، يعادي بعضنا بعضا ومنقسمين على أنفسنا وندعي حب الوطن، نتباهى بالاختلاف والشرذمة وننال من بعضنا البعض وكأننا أعداء ولسنا بأبناء وطن واحد!
إن الوطنية الزائفة كاذبة خاطئة مكشوفة الرأس، لا تدوم لأنه لا يصح إلا الصحيح، وبفيه التراب من قدّم مصلحته على مصلحة وطنه، وسار خلف الوهم والسراب، مثل هؤلاء الناس الذين يخرّبون ما عمّر الوطن وصفهم الله تعالى لنا فقال عز من قائل: (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى..)، لقد نهضت الكويت وقامت بسواعد أبنائها وانصهر الجميع تحت ظلها، ولنا الفخر أن كثيرا من أبناء الكويت تركوا بصمة واضحة في تاريخها وكانت لهم مواقف مشرفة تصب في مصلحة الوطن، مثل د.عبدالرحمن السميط، رحمه الله، الأسوة والقدوة الحسنة، فقد أعطى صورة رائعة للكويت وأهلها، وقبله الشيخ عبدالله محمد النوري، طيب الله ثراه، وغيرهما الكثير.
إن الكويت لا تريد منا أمراً صعباً، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولم تحمّلنا الكويت فوق طاقتنا، فكل ما تريده منا الإخلاص لها والعمل من أجلها، ولعمري ليس هذا الأمر شاقا ولا صعبا في حقها، وحب الوطن والولاء له ليس بلبس الدشداشة والغترة والعقال وتحريك خرزات المسبحة، ولا يمكن أن يكون بالأقوال الفارغة بل بالأفعال، والكويتي «سلفي وإخواني وشيعي وسني وحزبي وموالي ومعارض» كلهم أبناء الكويت، يدينون بالطاعة لولاة أمورنا، ونحن نحترم كل الأديان والتوجهات ما لم تمسّ أمن الكويت الذي هو بالنسبة لنا خط أحمر، وحمايتها مسؤولية الجميع، وعندما نتذكر أسلافنا وما قاموا به من تضحيات في سبيل الوطن نعلم كم كان الوطن مهماً للغاية عندهم ونتمنى لو عشنا أيامهم.
إن حب الوطن والإخلاص له والغيرة عليه واجب يقره ديننا الحنيف وتفرضه القيم والأخلاق، لقد أصبح العالم اليوم يشبه القرية الصغيرة فكل ما نفعله ونقوله تقع عليه عيون الناس في شتى بقاع الأرض، فلنعط صورة جميلة للكويت وأهلها، ونترك عنا التشرذم، ولقد أخجلنا الوطن بكثرة عطائه وأغدق علينا النعم والخيرات فلنتسابق في إظهار حبه والتفاني من أجله، نحن نريد للوطن أن يكون مستقرا واستقرار الوطن لا يتم إلا بنا، فلنسع جاهدين لتحقيق هذا الهدف السامي الذي يجعلنا محط إعجاب وتقدير من حولنا، ولنجعل من تضحيات الأجداد نبراساً لنا ولنغرس في نفوس أبنائنا الوطنية الخالصة فنميل أينما مال الوطن ولنعلم أن رفعة الوطن ونهضته لا تكون إلا بسواعد أبنائه، ودمتم سالمين.