بين الخطأ والخطيئة ذنوب كثيرة وطريق غير سالك، ولكن قد يسلكه من أكثر الخطأ دون وازع من ضمير، وهو الذي كتب الله عليه الشقاء في الدنيا، أما في الآخرة فأمره إلى الله تعالى إن يشأ يعذب وإن يشأ يغفر، ولا نقول غير ذلك ومن قال بخلاف هذا فكلامه مردود عليه.
أما الخطأ فهو فعل مجانب للصواب وغالبا ما يحدث من غير قصد أو تعمد، وناتج عن سوء تقدير وتدبير فيقع عفوا، وكثير ما يقع المرء بالخطأ، ولذلك يمكن له تداركه وإصلاحه وتصويبه إذا أراد المخطئ ذلك، «ولكن» ولنضع خطا أحمر تحت هذه الكلمة، فمع تكرار الخطأ وكثرته دون مبالاة قد يصل بك الخطأ في نهاية المطاف إلى ما هو أكبر من الخطأ، فلا يمكن لك تداركه أوتلافيه.
أما الخطيئة فهي قبل كل شيء مصيبة لأنها أكبر بكثير من الخطأ لأنها ارتكاب ذنب بتعمد وبقصد ما يترتب عليه الإثم ومنها الصغائر والكبائر وكما ترون فالفرق بين الخطأ والخطيئة كبير جدا.
وكي تكون الصورة أكثر وضوحا لنا جميعا، فما فعله أبونا آدم عليه السلام في الجنة من أكله لثمار الشجرة التي نهاه الله عنها كان خطأ بالفعل ولكنه لا يتجاوز ذلك ولا يعدوه، لأن الله عز وجل علم آدم التوبة فتاب من فعله وانتهى الأمر، أما الخطيئة فهي مثل معصية إبليس اللعين لله تعالى حيث استكبر أمام الله تعالى ورفض السجود لآدم لأن الله خلقه من نار وخلق آدم من طين، وكل ما ذكرته وارد في القرآن الكريم ومبين، فصاحب الخطأ أبونا آدم قال كما ورد في سورة الأعراف (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)، وهذا كلام فيه ندم وتضرع وإنابة واعتراف بالذنب، أما صاحب الخطيئة إبليس المستكبر المتجبر فقد قال كما جاء في سورة الإسراء (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا)، وهذه طريقة المتكبرين.
وعلى كل حال فالإنسان مخلوق ضعيف معرض للخطأ والخطيئة في أي لحظة إن لم يرحمه الله تعالى: «وإن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء»، نسأل الله حسن الخاتمة، فلا نجعل الخطأ طريقا يصل بنا إلى الخطيئة ولنتدارك الأمر قبل وقوعه، ولنستغفر الله تعالى في كل وقت، ونحاول جاهدين تدارك أخطائنا صغيرة كانت أم كبيرة، وما اجمل قول أبوالعتاهية:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب
ودمتم سالمين.