الأقدار جمع قدر، وهو القضاء الذي يقضي به الله تعالى على عباده، فهو الذي قدر لنا كل ما يمر بنا من حوادث في حياتنا، فلا يحدث شيء إلا بعلمه جلت قدرته، فنحن لا نعلم شيئا بعلمه وقدرته وإرادته لذا تجدنا نقول عند كل مصيبة «قدر الله وما شاء فعل»، لذلك فعلينا ألا نكثر من قول «لو» ونرددها فإنها تفتح عمل الشيطان، ولن تقدم شيئا أو تؤخره، أما الأعمار فهي مجموع السنين والشهور والأيام التي نعيشها، وبين الأقدار والأعمار صلة وثيقة فكل من يعيش في هذه الدنيا يقدر الله له مجريات حياته منذ ولادته وحتى مغادرته الدنيا وانتظاره في عالم البرزخ ما يؤول إليه حاله إذا وقف بين يدي مولاه الذي سبقت رحمته غضبه والله المستعان، ومع ذلك فعلينا أن نتذكر دائما قول الله عز وجل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) «الرعد: 45».
وعلى ذلك يمكن تغيير القدر غير المبرم بأمور كثيرة كلها أبواب خير مثل بر الوالدين وصلة الرحم، وأعمال الخير والدعاء وهو أقوى أسباب رد القدر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» فلا نتبرم مما قدره الله لنا، بل نسلم لأمره ونرضى بما قدر، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو عرضت الأقدار على الإنسان لاختار القدر الذي اختاره الله له، فهو لا يقدر لنا شرا لا خير فيه، والخير كل الخير في الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره.
خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعه المهاجرون والأنصار فلقيه في سرع على حدود الشام من أخبره أن الطاعون وقع بها، فجمع الناس كلهم، واستشارهم أيدخل الشام أم يعود؟ من حيث أتى، فاختلفوا ومنهم من قال معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدم بهم على هذا الوباء، فعزم على الرجوع فقال له أمين الأمة أبوعبيدة عامر بن الجراح: أفرارا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: نعم، فجاء عبدالرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته، فقال: إن عندي من هذا الأمر علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منها، فحمد الله عمر وانصرف منها.
ودمتم سالمين.