كنا نظن واهمين أن الفن الكويتي يرقد في العناية الفائقة، ولدينا بصيص أمل بشفائه، إلا أنه ومع بالغ الأسى والأسف، لفظ أنفاسه الأخيرة عن عمر تجاوز الستين عاما بقليل، نعم أيها السادة لقد توفي الفن قولا وفعلا، والحق انه لم يمت موتة طبيعية، وإنما نحر من الوريد إلى الوريد، وبفعل فاعل ومع سبق الإصرار والترصد، وبأيدي أناس يدعون الفن والفن منهم براء.
لقد بتنا نرى أعمالا لا تمثل البيئة الكويتية ولا تمت لمجتمعنا بصلة، حتى لهجتنا الكويتية الجميلة وئدت وأدا ودخلت علينا لهجة غريبة لا نعرفها ولم نعهدها، بل إنها لهجة تشكل خطرا على أبنائنا، إن الفن الكويتي كان ثم بان، وصار في خبر كان، أين الأعمال الفنية الكويتية التي ظلت عالقة في ذاكرة الأجيال عشرات السنين؟ أين الأعمال الداعية لتصحيح الأخطاء ومعالجة سلبيات المجتمع بالعقل والمنطق، أين كنا وإلى أين وصلنا؟
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
لو رفع رأسه عبدالحسين عبدالرضا وزملاء دربه من رواد الفن، ورأوا ما نراه من إسفاف لبكوا حرقة على الفن، شطحات وهيستيرات وخيالات وأوهام لا تمت للواقع بصلة ويسمونها أعمالا فنية ولا عزاء للفن.
إن الفن اليوم جسد بلا روح، أعمال لا تتعدى تحصيل حاصل، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، لقبلنا ولو على مضض، لكن الأمر تجاوز ذلك بكثير، فصرنا نرى أعمالا تعلم أبناءنا عادات بعيدة كل البعد عن قيم وعادات وتقاليد المجتمع الكويتي.
أسفي على الفن الكويتي الذي كان شامخا، الفن الكويتي الذي كان يشار إليه بالبنان، أصبح اليوم لا يغني ولا يسمن من جوع، وليت وزارة الأعلام تقوم مشكورة بتشكيل لجنة مختصة تعالج أسباب انحدار الفن عندنا وتضع النقاط على الحروف وتبحث الأسباب والمسببات وتجد لهذه المشكلة الكبيرة حلا جذريا، وليت الفنان نفسه يفهم رسالة الفن الحقيقية ويضعها أمام عينيه قبل أن يقبل العمل بأي مسلسل ويطرح المادة خلف ظهره ويجعل المصلحة العامة في اعتباره، رحم الله الفن الكويتي، ودمتم سالمين.