لا أتعجب إطلاقا حينما أسمع أن الكويت أصبحت سوقا يقصده بعض الوافدين لممارسة أعمال السحر والشعوذة وإيذاء الناس مقابل الحصول على مبلغ من المال، فهناك للأسف الشديد ترويج كبير لأعمالهم التي تخالف الدين والشرع، هذا بالإضافة إلى أن القانون رفع يده عنهم، فلا يوجد نص صريح وواضح بالقانون الكويتي يجرم ممارسة أعمال السحر والشعوذة، لذلك فإن السحرة في وطننا آمنون من العقوبة.
وأكثر ما لفت انتباهي خلال الفترة القصيرة الماضية عمليات الضبط التي أجراها رجال الجمارك ومنها واقعة ضبط مواطنة قادمة من إحدى الدول العربية، عثر بحوزتها على مواد تستخدم في أعمال السحر والشعوذة تقدر قيمتها بنحو 3000 دينار تمت مصادرتها، ونظرا لعدم وجود نص قانوني يجرم السحر تم السماح للمواطنة بالمغادرة لتعود إلى بيتها آمنة بعدما كانت على وشك أن ترتكب جريمة في حق إنسان آخر.
أرى أن السحر والشعوذة جريمة لا تقل خطورتها عن جريمة القتل، فكم من بيوت دمرت وأسر تفرقت، وأجساد مرضت، وعقول ذهبت، وتجارة خسرت، بسبب تلك الأعمال الشيطانية، والأدهى من ذلك أن من يقومون بممارسة السحر والشعوذة ينقسمون تحت بندين الأول منهم هو الدجل والنصب على ضعاف النفوس والعقول والحصول منهم على أموال طائلة مقابل تحقيق رغباتهم في إيذاء آخرين، وقد يجدون أنفسهم في النهاية قد وقعوا في فخ للنصب ولا يستطيعون إبلاغ الشرطة حتى لا ينفضح أمرهم، أما البند الثاني فهم السحرة الحقيقيون الذين يمارسون السحر من خلال الاستعانة بالجن والشياطين والعياذ بالله، والجميع يعلم أن من يصل إلى هذه الدرجة لابد له أن يقوم بممارسة كفرية والخروج عن طاعة الله، وهذا ما يعد جريمة أبشع وأخطر من وجهة نظري.
وأمام مثل هذه الجرائم الإنسانية والأخلاقية التي تنفذ تحت مسمى أعمال السحر والشعوذة، يقف القانون مكتوف الأيدي ولا أريد القول إنه بات لدينا عوار قانوني، فبالقانون لا يحصل الساحر على أي عقوبة، ولذلك كان لابد على المشرع القانوني أن يضع ذلك بالحسبان، ويدرك أن عدم التفاته لهذا الأمر جعل من كويتنا الغالية سوقا للسحرة والمشعوذين، وأصبح هناك بالأخير عبء على رجال وزارة الداخلية في ملاحقة هؤلاء السحرة وإتلاف ما معهم من مواد تستخدم لتنفيذ أعمالهم، لتتشتت مجهوداتهم بين السحرة وبين ملاحقة تجار المخدرات.
وبينما تزداد أعداد المتضررين من أعمال السحر والشعوذة نجد أن هناك دولا تكافح من أجل التصدي لتلك الظاهرة الخطرة ففي المملكة العربية السعودية غلظت العقوبة ليعاقب الساحر بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد عن 10 سنوات، بينما يعاقب كل من استقدم شخصا بغرض قيامه بالسحر بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد عن 10 سنوات وبدفع غرامة مالية لا تقل عن 100 ألف ريال سعودي، وفي السودان يعاقب الساحر بالسجن أو الغرامة أو العقوبتين معا، وتشديد في العقوبة في حالة العودة للجريمة، وفي مصر يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف جنيه كل من ارتكب أو لجأ لأعمال السحر والشعوذة سواء كان ذلك حقيقة أو عن طريق الخداع بمقابل مادي ودون مقابل، وفي الإمارات يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم كل من مارس أعمال السحر والشعوذة، وفي قطر يعاقب الساحر بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تجاوز 15 سنة، وبالغرامة التي لا تزيد على 200 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي البحرين يعاقب الساحر بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
لابد من وقفة حاسمة أمام تلك الممارسة الدنيئة التي ظهرت مؤخرا في مجتمعنا، وأن يتم سن عقوبات مناسبة وحسب ما أتذكر أن أحد نواب مجلس الأمة كان قد تقدم بمقترح بوضع قانون يسمح بتطبيق حكم الإعدام على السحرة وحبس من يستعين بهم، وأرى أنه لابد من تفعيل عقوبات بصورة عاجلة أسوة بمختلف دول العالم.
[email protected]