يقول الكاتب جابريال ألموند في كتاباته عن التغيير السياسي إنه فرصة لمنح نظام سياسي قدرات جديدة، ترتبط تلك القدرات بالهيكل السياسي العام، وكذلك بالقدرة الثقافية للمجتمع ككل، وأعتبر أن أفضل قدرة يمكن منحها للحكومات في أي دولة بالعالم هي الثقة ثم الثقة.
وفي علم السياسة ارتبط مفهوم التغيير أيضا بمصطلح التحديث السياسي، وأرى أن المصطلح الثاني هو الأكثر توافقا مع ما يحدث في مجتمعنا، وأن هذا التغيير سيأخذنا إلى نتائج مرضية تماما، وسيسهم في صنع نهضة حقيقية تشكل مستقبلا قواعد صلبة لا تنكسر في ظل قادتنا الحكماء، والذين نستمد منهم المحبة والإخلاص لهذا الوطن.
وفعليا أتقبل وأتفهم أن التعبير عن الرأي في مختلف مناحي الحياة يعد ظاهرة مجتمعية صحية وسليمة تماما، ويعد مؤشرا يرشد إلى النجاح وينبه أيضا إلى وجود أخطاء، وكما هو معلوم للقاصي والداني أن الأحداث السياسية في الكويت تسير بوتيرة سريعة جدا، فالأحداث متلاحقة ومتشابكة إلى حد التشويش، ولكن جميعها تحدث في أطر قانونية ودستورية، سواء كان تعيين حكومة أو استقالتها أو حل مجلس وتشكيل آخر وإعادة المجلس القديم.
أعتبر أن جميع ما سبق هو مجموعة من الظواهر السياسية الإيجابية التي تم تمريرها بشكل يمكن وصفه بالمرن، وإنها دليل قاطع على أمرين الأول منهما يكشف عن حراك مجتمعي رافض تقبل الوضع الراهن ويسعى إلى تعديله أو أجزاء منه، أملا في صنع مرحلة جديدة تحقق ما يتطلع إليه، أما الأمر الثاني فيكشف عن المستوى الديموقراطي ومعدل الحرية الذي يمارس في الكويت، والذي أعتقد أن هناك شعوبا كانت ولاتزال تعاني من أجل الحصول على بعض منه، وإننا على أرض الكويت ننعم بمستوى حريات مرتفع للغاية.
ولكن هنا لدي تساؤل: هل ما نتمتع به من حرية للتعبير عن الرأي يمثل «رخصة» لبعض غير المطلعين على مجرى الأحداث السياسية في تحويل مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحات لتبادل الرأي السياسي، وصب الغضب على المسؤولين وتوجيه الانتقاد الجارح البعيد عن الموضوعية، وما ينجم عن ذلك من قيام البعض باستغلال هذا ومحاولة «النفخ بالنار» وبث الفتنة وزرع المشكلات، والسعي إلى صنع حالة من الضجر العام نحو الأمور السياسية، لتحقيق أهداف تضر وتمس وطننا الغالي؟!
لذلك على الجميع أن ينتبه لهؤلاء، ويحرص على ألا يكون جزءا من حربهم على وطننا، وهذا لا يعني أن جميع ما يتم تداوله من آراء بين المواطنين يمتد إلى ذلك الأمر، فالكثيرون يتحدثون بقلب المحب الحريص على مصلحة الوطن.
أقول ذلك بعدما طالعت العديد من الآراء التي تم تداولها حول عودة مجلس الأمة 2020، وتعطيل مجلس 2022، لأن ما حدث هو نتاج حكم قضائي صدر بناء على نصوص الدستور، وأنه يجب على الجميع أن يحترم دستور وطننا، والقبول به، وإن كانت هناك حالة من عدم التقبل فلابد من التعبير عن ذلك عبر القنوات الشرعية التي حددت عبر القانون والدستور، كما يجب علينا معرفة أنه لدينا حكومة ذات كفاءة وإنها قادرة على صنع الإنجاز والتغيير المنشود، وأن لدينا دستورا يجعل من مجلس أمتنا نقطة انطلاق لمستقبل أفضل، وأن أعضاء المجلس وممثلي الحكومة هم بالأخير أبناء الكويت الغالية ندرك مدى إخلاصهم وأنهم لن يكونوا سببا في إحداث أي أذى لوطنهم.
وأرى أن تغير الوجوه في الحكومات أو المجلس لن يحيد الشعب عن قراره واختياره لمستقبل آمن ومشرق للكويت وأهلها.
[email protected]