اللعبة الأكثر شعبية في العالم هي كرة القدم، يقولون ان السياسة ليس لها صديق، وانا هنا اقول ان الكرة مخادعة وليس لها امان، وهذا كان جليا في المباراة النهائية لكأس العالم بين منتخبي فرنسا والارجنتين، حيث كانت المفاجآت غير المتوقعة على المشهد الكروي الاخير، واكتشفنا قوة المنتخبات التي تحصلت على المراكز الاولى، وفوجئنا بأكثر من حارس مرمى ذهبي يتعامل بفن مع الامساك بالكرة قبل دخولها لعرينه.
والذي طغى على هذا كله هي الاستعدادات التي قامت بها قطر لهذا الحدث التاريخي وميزها بأن جعلها في مصاف الدول المتقدمة الاولى في العالم من حيث الترتيب والتنظيم لآلاف البشر دون ان نسمع عن وقوع مشاكل متعارف عليها في المونديالات السابقة كالتدافع، وتكسير المرافق العامة، او شجار بين المتفرجين، بل كانت الامور تسير بانسيابية وبأسلوب راق لتعكس قطر النجاح الكروي بتنظيم استثنائي بجانب التعارف الحضاري الذي اظهر العادات والتقاليد العربية الاصيلة، وبينت الحضارة الخارجية، وبينت كم هو القطري متحضر بداخله وبأسلوبه وتعامله وثقافته مع الآخرين.
وابرز سمة في هذا المونديال هي سمة الامن والامان، حيث شعر الضيوف بحرية الحركة في كل مكان، في الاسواق والمولات والفنادق دون حماية او تخوف مما كانوا يسمعونه من شائعات مغرضة تسيء للانسان العربي او مما كان يتداول في العقود السابقة عن العالم العربي، حيث كان الكثير منهم متوجسا من زيارة اي دولة عربية خوفا من النظرة العنصرية او خوفا من غياب الامان، لكن قطر اثبتت عكس ذلك من خلال الخدمات المتقدمة والبنى التحتية والتجهيزات التي جعلت من قطر عروسا خليجية، ونقلوا كل ما هو جميل لضيوفهم من حسن الاستقبال والاهتمام بهم، وهنا انطلاقة قطر للعالمية، حيث الاستثمار الحقيقي البشري من جميع انحاء العالم، وسيترتب عليه كسب قاعدة شعبية بشرية وسائحين وضيوف في المستقبل، وبشكل مستمر للسنوات القادمة، كما ان النجاح يجر النجاح، وهذا سيفتح باب التجرؤ لزيارة الدول الخليجية الاخرى لاكتشافها كما اكتشفوا قطر من خلال المونديال، بناء على ما شاهدوه من ترحاب ومعاملة حضارية.
كم هو جميل الانفتاح على شعوب العالم، حيث منافعه كثيرة، منها اقتصادية وثقافية وانسانية بتلاقي الحضارات بعضها ببعض. واثبتت قطر ان العادات والتقاليد واختلاف اللغة وبعد المسافات ليست عائقا للنجاح والوصول إلى القمة في اي مجال من المجالات، وليس على المستوى الكروي الرياضي.
لقد اخذنا دروسا رائعة باستضافة قطر لشعوب العالم منذ ان وطئت اقدامهم مطار الدوحة الدولي وصولا الى الاستادات لمشاهدة المباريات، ومن ثم عودتهم سالمين غانمين لدولهم، سواء كانت اوروبا او الاميركيتين او لأي جهة اخرى، محملين بالصور والتذكارات والهدايا والمأكولات والملابس التراثية او الخليجية، ليفخروا بها بين اهليهم حين وصولهم لديارهم.
لا يسعنا بعد نهاية كأس العالم الا ان نقول ان تعب سنوات طويلة للاستعداد لهذا الحدث التاريخي في منطقة الخليج لم يذهب سدى، لذا نقول: شكرا قطر على حسن الاستقبال والنجاح بالمهمة ومن ثم حسن الوداع.