ثعلب السياسة الفرنسية تاليران من أدهى الشخصيات التي كانت تجمع المعلومات المهمة بذكاء، ففي المناسبات الاجتماعية والسياسية كانت لديه قدرة خارقة على استلال الأسرار والمعلومات التي تغذي تحليله السياسي بصفته وزيرا للخارجية في عهد نابليون، وحيث أطلق ذات مرة معلومة مفبركة في إحدى المناسبات الاجتماعية أمام مجموعة من السياسيين مفادها أن قيصر روسيا يخطط لاغتيال أحد أهم جنرالاته بتهمة الخيانة وبمجرد مراقبة ردود أفعال السياسيين وتعليقاتهم وإيماءاتهم يكون قد كشف عن أسرار جديدة وتحليلات يستثمرها لسياسة بلده.
المعلومات قوة وثروة في عالم القوة والنفوذ، تكتشف بها أبعادا جديدة وآفاقا أوسع، وتضيف لك ميزة عن البقية وتجعلك متقدما عليهم بخطوات، ففي غزوة بدر حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على جمع المعلومات عن قافلة لقريش من حيث العدد والعدة وآبار المياه وغيرها ليحصل على الأفضلية.
وقد شوهد محمد الفاتح ليلا وهو نائم على خرائط القسطنطينية يجمع المعلومات ليفتحها، حضارة الأندلس التي بنى عليها الغرب جامعاته لم تتألق إلا بالانفتاح وانتشار المكتبات العامة والخاصة، فكانت المعلومات نهرا متدفقا يروي الجميع ثقافة وعلما وفنا.
«إن الحقيقة نفيسة إلى درجة أنها يجب أن تكون محاطة بهالة من التمويه إذا استدعى الأمر» تشرشل.
لست أرمي من هذا المقال إلى أن يصبح الإنسان جاسوسا، لكن الإحاطة بالمعلومات تجعلك متميزا ومتقدما على الآخرين وتكون تحركاتك وقراراتك مبنية على قاعدة صلبة وأسس سليمة، لكن التساؤل هو: من أين نحصل على المعلومات؟
في ظل الانفتاح الذي فرضته التكنولوجيا الحديثة أصبح الحصول على المعلومة أمرا سهلا، لكن الذكاء هو كيفية انتقاء المعلومات المهمة، وقراءة الكتب والدوريات، والأبحاث هي الأخرى تزود الإنسان بقاعدة صلبة من المعلومات فضلا عن المناسبات الاجتماعية التي تعتبر منجما للمعلومات والفرص، حيث قادتني علاقة إلى اقتحام مجال الصحافة ومن ثم الى عالم الإعلام الذي أصبح شغفا، أما المهارات الناعمة كالذكاء الاجتماعي وفن الكلام والإقناع والتفاوض فهي مهارات جاذبة للمعرفة والمعلومات المهمة.
[email protected]