شهدت الكويت منذ فترة نقاشا ساخنا حول القرار الحكومي بالسماح للمرأة بالالتحاق بالخدمات الطبية والخدمات العسكرية المساندة في الجيش الكويتي، وطالما دار جدل واسع حول حقوق المرأة والحجم المقبول لمشاركتها، وقد كانت قضايا المرأة، على صعيد السياسة والعمل والبيت والتعليم، من ضمن ما تناوله استطلاع البارومتر العربي في دورته السابعة 2022 لصالح جامعة برنستون، والذي نفذ في 12 دولة عربية كانت الكويت بينها، متضمنا نتائج أكثر من 26 ألف مقابلة في جميع أنحاء المنطقة العربية مع هامش خطأ ± 2 نقطة في كل دولة، وسيتناول هذا المقال أبرز النتائج المتعلقة بقضايا المرأة بالاستناد للتقرير المميز «المواقف والاتجاهات الجندرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» Gender Attitudes and Trends in MENA من إعداد ماري كلير روتش MaryClare Roche.
فيما يخص آراء المستطلعين حول مدى أهلية المرأة للقيادة السياسية، عبر 65% عن (الموافقة، الموافقة بشدة) على أن «الرجال أفضل في القيادة السياسية من النساء»، وكانت الكويت الثامنة بين الدول التي شملها الاستطلاع في نسبة الموافقة، أما على صعيد العمل، فقد طرح الاستطلاع عددا من الأسئلة عن العوائق التي يمكن أن يواجهها المواطنون عند محاولتهم دخول سوق العمل، وإذا ما كانت هذه العوائق تمثل مشكلة بالنسبة للنساء أو الرجال أو لكليهما على حد سواء أم لا.
وكان من بين العوائق «الافتقار إلى المهارات اللازمة للوظائف المتاحة»، وقد رأت الشريحة الأكبر من الكويتيين 55% أنه يمثل عائقا متساويا لكل من الرجال والنساء، فيما رأى 12% أنه عائق أكبر بالنسبة للنساء، و7% يرون أنه عائق أكبر بالنسبة للرجال، 25% لا يرونه عائقا لأي منهما.
أما عن «نقص وسائل النقل»، فقد رأت الشريحة الأكبر من الكويتيين (66%) أنه لا يشكل عائقا لأي من الجنسين، أما «عمل الرجال والنساء معا»، فقد رأى 61% من الكويتيين أنه لا يمثل عائقا أمام أي من الجنسين، 18% رأوه عائقا بشكل أكبر أمام النساء، 15% رأوه عائقا متساويا للرجال والنساء، و4% فقط رأوه عائقا بشكل أكبر أمام الرجال، وبما ينسجم مع هذه النتيجة الأخيرة، عبر 47% من الكويتيين عن موافقتهم على وجوب الفصل بين الرجال والنساء في مكان العمل».
كذلك، تضمن الاستطلاع بندا يسأل عن أكبر عائق تواجهه المرأة عند محاولة دخول سوق العمل من قائمة من 3 عوائق بنيوية و3 عوائق ثقافية محتملة، وكان الافتقار إلى رعاية الأطفال أكبر عائق تواجهه النساء لدخول سوق العمل بنسبة 25% من الكويتيين، ثم عدم الفصل بين الجنسين بنسبة 18%، الأجور المنخفضة بنسبة 12%، ثم عدم القبول الاجتماعي ومنح الأولوية للرجال بنسبة 10% لكل منهما.
أما عن تعليم المرأة، فقد كشفت النتائج عن نظرة متفتحة وإيجابية لدى الكويتيين، إذا وافق 8% فقط من الكويتيين، بين موافق وموافق بشدة، على عبارة «التعليم الجامعي أكثر أهمية للذكور منه للإناث»، وكانت الكويت بذلك الأقل بين الدول التي شملها الاستطلاع في نسبة الموافقة على هذه العبارة.
لكن فيما يخص دور المرأة في المنزل، وافق 49% من الكويتيين أن يكون للرجل القول الفصل في جميع القرارات المتعلقة بالأسرة.
قدمت كاتبة التقرير عدة توصيات جيدة يمكن للحكومة اتخاذها للمساعدة في زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة في المنطقة من خلال تطوير سياسات مثل تحسين رعاية الأطفال ورفع الأجور، وكان من الدلالات التي أظهرتها النتائج وفق ما ذكرته «ماري» في تقريرها أن المساواة بين الجنسين في الكويت لاتزال هدفا بعيد المنال رغم المكاسب الأخيرة التي حققتها المرأة الكويتية في المشاركة السياسية، وهنا لابد من التذكير دوما بمراعاة الفرق بين العدالة والمساواة، وبين مفهوم المساواة الإنسانية وتلك المساواة الجندرية المتطرفة في عدم مراعاة خصوصية المجتمعات والبيئات المحلية، ولذلك تحتاج بعض التوصيات إلى التقييم بما ينسجم مع البيئة المحلية وخصوصيتها، كأن يقيم عمل المرأة بمدى توافقه مع دورها الأساسي في بناء الأسرة الكبيرة ورعايتها، بما لا يقارن بالأسر الصغيرة في العالم، وهو الذي ينبغي أن تمنح له الأولوية على غيره، خاصة وأن المرأة في البيئة الخليجية والعربية ليست مطالبة بالعمل والإعالة مثل الرجل.
[email protected]