تمر علينا الذكرى الـ 32 للاحتلال العراقي الغاشم ونحن في بداية عام هجري جديد، وهي مصادفة لنتدبر الدروس المستفادة تاريخيا للحدثين، حيث التمسك بالمبادئ والحفاظ على مكتسبات رحلة شاقة من الجهاد لنصرة الحق في كل زمان ومكان، هي مصادفة شاءت الأقدار أن نتوقف أمام أنفسنا لنعلم أن الثبات على الحق والعدل يحتاج إلى جهاد شاق ونفس طويل طالما أن النصر آت.
هي ذكرى تجعلنا نثق أن الله ينصر من ينصره وأن لكل حقبة في التاريخ رجالا يدافعون عن الدين والأرض والسلام، وأن الهزيمة والخذلان يلحقان بالظلمة من أنصار الفساد والجاهلية والعدوان بغير حق على الآمنين والمسالمين.
لقد حرم الله في محكم التنزيل العدوان بغير حق على الآمنين، وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل في وثيقة المدينة كأول دستور مدني في الإسلام يكفل العيش بسلام بين المسلمين وأهل الكتاب، وأن السلام والأمن والطمأنينة لها الأولوية وهي أساس بقاء الجنس البشرى.
في ذكرى الغزو نستحضر عظمة الشعب الكويتي آنذاك في ظل قيادة حكيمة تحت قيادة المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، وولي عهده ورئيس مجلس الوزراء المغفور له بإذن الله سمو الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله، ووزير الخارجية آنذاك المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، والذين بذلوا جهدا خارقا لنصرة الكويت في المحافل الدولية.
وفي هذه الذكرى نتذكر بكل الإجلال والاحترام شهداء الوطن الذين جادوا بأرواحهم فداء لوطنهم ليبقى حرا عزيزا شامخا كالمناضلات أسرار القبندي وسناء الفودري ووفاء العامر، رحمهم الله وطيب الله ثراهم، ومن الأحياء البطلة هند البحر، حفظها الله، والتي تم تكريمها من قبل القيادة المركزية للجيش الأميركي بالشرق الأوسط، وهي شاهد عيان على نضال الشباب الكويتي ودور المرأة الكويتية العظيم جنبا إلى جنب مع أبطال المقاومة وخاصة مجموعة بيت القرين الذين سطروا ملحمة عظيمة بقيادة سيد هادي علوي ومعه الأبطال بدر ناصر العيدان وخالد الكندري وعامر فرج العنزي ومحمد عثمان الشايع وحسين علي غلوم وإبراهيم ومبارك علي صفر وخليل البلوشي وعبدالله عبدالنبي مندني وجاسم علي غلوم، رحمهم الله جميعا وجزاهم الله عنا خير الجزاء.
والحديث عن شهداء المجد والنضال حديث لا ينتهى وتقشعر له الأبدان، ونحن في حضرة ذكراهم العطرة نشعر بالأسف إلى ما آلت إليه الأمور من انتشار للفساد وترك هذا الإرث العظيم من التضحية والبطولة نهبا لمن لا يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عواتقنا، وكما قلنا من قبل مرارا وتكرارا أن الأمم العظيمة تستلهم روح العزيمة من تاريخها المجيد وأن الضمائر تحيا بذكر الصالحين في كافة المجالات من أبناء هذه الأرض الطيبة وأن الغفلة هي مرض العصر وكل عصر، وأن بقاء الأوطان مرهون باليقظة وإحياء الهمم في النفوس، في ذكرى الغزو العراقي الغاشم هذا العام نستحضر دروس الهجرة النبوية الشريفة وعدم اليأس والاستسلام والثبات على المبدأ، لعل الله يرزقنا فتحا مبينا يمكن به عباده الصالحين من رقاب الفاسدين.
في ذكرى الغزو نتوجه بأسمى وأجل آيات التقدير والتبجيل لأرواح شهداء ضحوا بأرواحهم لتبقى راية الوطن عزيزة شامخة، ونسأل الله عز وجل التوفيق والسداد لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظهما الله وأن يرزقهما البطانة الصالحة، وأن تبقى الكويت تحت قيادتهما حرة عزيزة شامخة لا يضرها كيد الكائدين ومكر الماكرين، والله نسأل أن يحفظنا بنعمة الأمن والأمان إنه ولي ذلك والقادر عليه.