في قديم الزمان اعتدى أحد أبناء الملوك على شخص من عامة الناس، فاشتكى المعتدى عليه من أبناء الملك لأهله ما حدث معه، فتجمع الأهل وبعثوا برسالة إلى الملك بما حصل، فردّ عليهم الملك برسالة اعتذار، لأنه يعلم أن هذه الأسرة مترابطة متماسكة وهم على قلب رجل واحد في الشدائد والمحن، إضافة إلى تكاتفهم ومساعدتهم لبعضهم البعض.
ونجد أن الأسر المنفصلة عن بعضها البعض، وكل واحد منهم في عالمه يبغض الآخر ويحسده ويكرهه ويكيد له المكائد الخبيثة، ليست لها قيمة بين الناس ولا اعتبار.
فلولا فضل صلة الرحم والترابط لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليوصي بها، ويذكرها سبحانه وتعالى في أكثر من موضع في القرآن!، فالأسرة لا تنجح ولا ترقى بتفككها، لذلك كان من أبغض الحلال «الطلاق» والتفريق بين الأزواج.
ومن أسباب تنافر الأسر: الظن السيئ ببعض، والغيبة والنميمة، تحاسدهم، كراهية ناصحهم، سوء أخلاقهم، الإعراض عن تعاليم دينهم، خبث بعض نسائهم ورجالهم، ولا أسوأ من رجل يتبع كلام النساء فيقطع رحمه بسببهن ولا خير في امرأة ورجل يكونان سببا في قطع الأرحام والصلة!
الأهل هم عصب الحياة، صلة الرحم والترابط والتكاتف هي من تقيم الحياة وتعدلها ويكون الإنسان بعون الله ثم رحمه مسنودا بقوة، ويجب أن نكون عونا لأهلنا في مصابهم واحتياجهم، ناصحين لهم في زلاتهم وأخطائهم، واصلين لهم في إدبارهم وقطيعتهم، وربما يسأل سائل وهل علي ان أصل من يقطعني وأحسن لمن أساء إلي؟
اشتكى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأُحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي»، فقال: «لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».
وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها»، فعندما نصل الأرحام ونحسن إليهم طمعا لما عند الله وبجزائه وليس ليكافئنا الناس بمثل جزائنا لهم.
وها نحن نرى في أيامنا هذه من يأخذهم الموت عنا بلمح البصر ودون أن نشعر، فهل من العقلانية والرشد ان نكون على خلاف مع من نحب وبيننا وبينهم صلة أرحام؟ وهل تستحق الحياة منا أن نهجر ونقطع أرحامنا بسبب عرض من الدنيا؟
هل في كل مرة يموت أحدهم نتحسف ونلوم أنفسنا وما ان نلبث أياما ثم ننسى ونتناسى ونخلق مشاكل مع آخر؟
اللهم ألِّف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام واهدنا لأحسن الأخلاق وجنبنا سيئها.
Email: [email protected]
Twitter: Y_Alotaibii